حكاية ملخصها أنه في إحدى القرى كانت هناك واعظة تعطي الدروس والمواعظ الدينية، لكنها عندما تقرض أحدهم مالا تسترجعه مضاعفا، فلما كبرت مرضت فماتت، أهملها أهل القرية ولم يعتنوا بها ولم يترحموا عليها.
بينما راقصة جميلة في نفس القرية تعمل في ملهى، ويدر عليها المعجبون أموالا من رأسها إلى رجليها لتعود فجراً سكرانة ثملة، لكنها كريمة تنفق هذه الأموال على فقراء وأيتام قريتها، وتعد موائد الإفطار للصائمين، وتبني لهم مسجدا ودارا لرعاية المسنين، فلما كبرت وأصبحت عجوزا، تسابق أهل القرية لخدمتها ورعايتها، والأب يوصي أبناءه بالاهتمام بها.
وثمة تساؤل يطرح: أيهما أفضل الواعظة أم الراقصة؟!
وهذه الحكاية متكررة في تاريخنا القديم وحتى يومنا الحاضر، ولو بشخصيات مختلفة وأدوار متنوعة، لكنها لا تخرج عن دوري الواعظة والراقصة!
ظهر رواة يخترعون أحاديث مكذوبة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بدعوى الانتصار للإسلام!
كان بعضهم يقضي الليل بالتهجد لكنه لا يتورع عن شق بطن الحامل لأنها من المخالفين له، وها هم اليوم باسم الإسلام يذبحون الناس سياسيا وجسديا على الشبهة والمظنة!
مثلما ظهرت علينا نساء ورجال يسوقون بضاعتهم الرخيصة على وسائل التواصل الاجتماعي لتكريس التوافه والفجور السياسي، ليغسلوا بها المال الحرام على زعم المصلحة الوطنية العليا!
وكثر التداول عن بعض النواب وهم «على قد حالهم»! وأصبحوا من الأثرياء وأصحاب العقارات، لينفقوها على حملاتهم الانتخابية التي تروج أن حب الوطن من الإيمان، وحرمة المال العام.
لا الواعظة أفلحت بأموالها الربوية، ولا الراقصة وفقت بأموال السحت. والحقيقة الراسخة هي: (إنما يتقبل الله من المتقين).
[email protected]