لا توجد فكرة «الجمعية الخيرية» في السياسة الدولية، إلا في الكويت وخاصة مع بعض دول العالم الثالث التي تنطبق عليها الآية الكريمة (الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون)!
السياسة الأميركية تهب لنجدة الدول المعوزة تبعا لقيمتها الاقتصادية ولموقعها العسكري، مع فرض ضغوط وشروط ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب العظيم، من انتهاك السيادة الوطنية، وتوريط الدول الآمنة بالصراعات الإقليمية عبر فرض القواعد العسكرية على أراضيها، وتقييد المواقف الخارجية وتسويق الثروة الوطنية بفلك السياسة الخارجية الأميركية! يعني مساعدة مغموسة بالإذلال! ولذلك تنصّلت واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني، عندما شعرت بالتمرد والكبرياء الإيراني!
الآن برز المارد الصيني الذي يوفر فرصا عظيمة للدول المتعثرة اقتصاديا وتنمويا، ويغريها بعدم دفع فلس واحد مقابل إقامة المشاريع الإسكانية والصحية والتعليمية والطرق ووسائل الاتصالات والبناء والصناعات، وكل ما تحتاجه بإطلاقه، مقابل شروط استثمارية ميسرة وعلى مدى بعيد، ولذلك يطرح بعض الساسة في العراق ولبنان وبقوة البديل الصيني لانتشال بلادهم من التعثر التنموي ومن انهيار العملة الوطنية.
من المؤكد أن الصين تنسج خططا للبقاء مدة طويلة فيها، ولكن بهدوء وبعيدا عن القيود المذلة، فلا تشترط التطبيع مع العدو الإسرائيلي، ولا تشترط إقامة قواعد عسكرية منفلتة.
بينما إيران تسعى نحو مساعدة شعوب تتضور جوعا، ومرافق خدماتها في الحضيض، فكما في لبنان تعرض إيران مساعداتها العينية له، وتزويده بالوقود ومحطات الكهرباء والمواد المعيشية وبأسعار تمول بالليرة اللبنانية المنهارة! مثلما أمدت العراق باحتياجاته المعيشية والعسكرية فورا، أمام جحافل داعش التي اقتربت من أسوار بغداد. انطلاقا من أيدلوجيتها الإسلامية المعلنة ومن أجل تدعيم طوق المقاومة حول إسرائيل!
[email protected]