دستوريا الحكومة ملزمة فور تشكيلها بتقديم برنامجها إلى مجلس الأمة (م 98) لكن عشرات التشكيلات الحكومية الماضية التي قدمت برامج في منتهى الروعة لم تتمكن من معالجة القضايا المزمنة التي يئن منها الوطن.
الوزير تتم مشاورته في الحقيبة الوزارية المحددة له يوافق أو يعتذر، ثم يترك الوزير ليفهم مسؤولياته بنفسه، وليواجه مشاكل وزارته المتراكمة، بدءا من صراع الموظفين صغارا وكبارا، إلى مكابدة العوائق لتطوير أداء وزارته لتقديم أفضل الخدمات الموكلة إليه، وعليه مواجهة رقابة مجلس الأمة بأدواته المختلفة، وضغوطات الواسطات والمحسوبية من النواب ومن ذوي النفوذ، عليه أن يتحمل إرهاق الاجتماعات المتوالية لمجلس الوزراء واللجان الوزارية، واجتماعات مجلس الأمة واللجان البرلمانية، طبعا كلها تحتاج إلى تحضيرات وإعدادات مسبقة! علاوة على قصر عمر الحكومات.
فمن أين للوزراء الوقت والطاقة للبحث في منهجية وخطط واستراتيجية الحكومة قريبة وبعيدة المدى في مواجهة القضايا المزمنة؟
ولذلك فإن استحقاقات الحكومة قبل اختيار أسماء وزرائها، أن تكون هناك خارطة طريق ومنهجية متفق عليها لوضع استراتيجية وخطة محبكة لمواجهة أزمات البلاد. ولعل منها الأساسيات التالية:
1- تكريس الدولة القانونية الدستورية في الحقوق والحريات، بالمستوى الذي يبعدها عن الدولة البوليسية، مما يشبع الروح الوطنية المسؤولة، ويضعف الانتماء الفئوي السلبي.
2- مواجهة الضغوطات الخارجة على القرار السيادي الكويتي، وأبرزها الواضح جر البلاد إلى مستنقع التطبيع العربي- الإسرائيلي، والالتزام بمنهجية بالحياد الإيجابي في قضايا الصراعات الإقليمية والعالمية.
3- أمانة المال العام والتنوع في مصادره، وتشجيع العمالة الكويتية، ودعم محاربة السراق والمفسدين، بلا مهادنة، وخلق منافسة شريفة موضوعية بين المستثمرين.
4- تحقيق الحكومة الرقمية الإلكترونية، التي توفر الوقت والجهد وتقلل من المراجعات الشخصية والورقية التي تزحم الشوارع وترهق المؤسسات الرسمية.
5- مراقبة الجودة في تقديم الخدمات العامة، فلا يكفي تشييد المؤسسات الجميلة، دون أن تكون تحت المراقبة الصارمة والمستمرة لمعايير الجودة العالمية.
6- الشفافية في الإعلام الرسمي، وتعدد نوافذ الإعلام الخاص الحر، وسهولة تداول المعلومات، والابتعاد عن ثقافة الاتهام بالتخوين، وعدم التوسع في مزاعم الإضرار بالدول الأخرى للتضييق على الرأي السياسي.
7- تحقيق دولة الرخاء في الداخل، وإعادة الكويت كما كانت جوهرة الخليج بمشاريعها العمرانية والإنسانية.
خارطة الطريق هي التي تشكل الحكومة شكلا ومضمونا، وليس الأسماء.
[email protected]