وافق مجلس الأمة مؤخرا على مشروع قانون بتعديل قانون المطبوعات والنشر، منها الإبقاء على حظر إفشاء الأسرار والوثائق والاجتماعات التي يعطيها الدستور أو القانون صفة السرية.
وتتضمن المادة 70 من الدستور أن معاهدات الصلح والتحالف والمعاهدات المتعلقة بأراضي الدولة أو ثروتها الطبيعية أو بحقوق السيادة أو حقوق المواطنين العامة والخاصة.. الخ، لا يجوز بأي حال أن تتضمن المعاهدة شروطا سرية تناقض شروطها العلنية.
وذلك درءا لمخاطر السرية التي تبلغ حد التناقض بين ما خفي وما أعلن - كما تقول المذكرة التفسيرية للدستور - لكن القانون لم يضع عمرا افتراضيا لسرية هذه المعلومات، يمكن بعدها الاطلاع عليها توثيقا للتاريخ لما لها من إثراء على التجربة الوطنية.
وهذا ما سارت عليه الدول الديموقراطية العريقة.
ففي بريطانيا تخضع المعلومات السرية لعدد من قوانين الأسرار الرسمية وعادة ما يتم حجب الوثائق الحكومية السرية لمدة 30 عاما.
وفي أميركا تتراوح رفع السرية بين 10 أو 25 أو 50 أو 70 من السنوات بحسب ما يقره الكونغرس، ليطلع عليها الجمهور.
والتاريخ الإسلامي كان ضحية سياسة حجب المعلومات وعدم تدوينها ونشرها! ففي بداية العهد الإسلامي تم منع تدوين الحديث وقد قاموا بإحراق الكتب التي حوت أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم،
تحت مبرر عدم الخلط بينها وبين القرآن الكريم وقيل «حسبنا كتاب الله». حتى بداية القرن الثاني الهجري عندما قام الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز برفع الحظر عن تدوين الحديث، وقد تسبب هذا المنع في دخول الكثير من الإسرائيليات، والأحاديث الموضوعة، في الأحاديث النبوية في مختلف المجالات الفقهية والعقدية.
وتعرض التراث الإسلامي -على مراحل العصور- والذي خطه المؤرخون والفقهاء كشهود مباشرين للوقائع والأحداث وسير أئمة المسلمين عليهم السلام، ونتاج الفكر والاجتهاد من المؤلفات النفيسة التي هي اليوم محل جدل، للدمار والحرق والغرق على يد المغول بقيادة هولاكو خان عام 1258م، بعد أن حاصر بغداد 12 يوما، فدمرها وأباد معظم سكانها.
وكان سقوط بغداد خسارة فادحة للثقافة والحضارة الإسلامية، حتى يقال إن ماء نهر دجلة تحول إلى الأحمر والأزرق بفعل دماء القتلى وحبر الكتب! وقيل إن جنود هولاكو ملأوا نهر دجلة بالكتب وجعلوها جسورا لخيولهم!
وفي حقبة حكمه، قاد أمير الكويت الأسبق الشيخ مبارك الصباح (حاكم الكويت السابع الذي تولى الحكم في 1896 حتى وفاته عام 1915) قاد نشاطا سياسيا محموما مع بريطانيا والفرنسيين والألمان والدولة العثمانية، ومع أمير المحمرة ومع تجار بوشهر، وتباحث مع روسيا القيصرية عندما أرسوا أسطولهم في بحر الكويت أواخر القرن التاسع عشر، وهي علاقات ألقت بظلالها على العلاقات الكويتية الخارجية والداخلية، منها السار ومنها المؤلم، لكن معلومات وتفاصيل ذلك كانت شحيحة مما كانت محلا للتخمينات والتحليلات المعقولة والخيالية، مما أفقدت الكويت ومواطنيها كنوزا ثمينة من الخبرات والمعلومات ومزيدا من الحنكة في التعامل السياسي.
[email protected]