كل مواطن كويتي يتذكر بفرح وغبطة تحرير الكويت من العدوان الصدامي العراقي، بإذن الله تعالى ثم بقوة التحالف الدولي بقيادة أميركا، لذلك فالمواطنون يحبون أميركا - رغم أن ذلك لم يأت مجانا - لأن الناس بطبيعتها تحب من أحسن إليها.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «جُبلت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها».
لكن يبدو أن المسؤولين هناك فهموا هذا الحب خطأ على أنه قبول للاستعباد، وأن أي ثقافة تافهة تملى عليهم فهي محل قبول ولا اعتراض!
لذلك، هناك سوابق للتدخل الفج، ومنها تدخلهم في العمل الخيري العام، وتشويه سمعته الطيبة، وتوصيفه بأنه دعم للعصابات الإرهابية تحت وزر حالات محصورة ومعروفة!
وهذا ما يفسر الجسارة والجرأة بمشروعهم الجديد بترويج الفاحشة المحرمة داخل مجتمعاتنا الإسلامية، وإسباغ الرقي الحضاري على الشذوذ الجنسي، فسموه تلطيفا وتلميعا بـ (المثليين) تحت مبررات واهية تدعي حماية حقوق الإنسان وحريته المطلقة!
وهذه للأسف كذبة لا يصدقها حتى أصحاب هذا الترويج، فالمجتمعات الإنسانية بفطرتها تمنع الحرية المطلقة، لذلك لا يوجد مجتمع بلا نظم ودساتير تقيد الحريات وتنظم الحقوق والواجبات، وإلا تحولت إلى فوضى عارمة تهلك الحرث والنسل.
ودستور المسلمين (القرآن الكريم) - وهو من الثوابت الأزلية وتاج رؤوسهم - يتلوون فيه ليلا ونهارا آيات كريمة تحذر من تكرار تجربة قوم «لوط» وكيف قاوم الشرفاء انتشار العلاقة الجنسية المثلية، ثم مصير هذا المجتمع المنحط! وما نصت عليه الشريعة الإسلامية من عقوبات مشددة جدا ضدها ومن يروج لها، فالمثلية من الثقافات الشاذة القديمة التي لفظتها المجتمعات، وقد حرمتها جميع الديانات السماوية والفطرية الإنسانية، وتجري الآن إعادة تسويقها بتغليف منمق جديد.
كان الأجدر بالسفارة المعنية وهي تعلن أنها تدافع عن حرية الإنسان وحقوقه، أن تناصر الشعب الفلسطيني المظلوم الذي تنتهك حقوقه الدينية والمدنية، وتعمل على منع ربيبتها إسرائيل من استخدام سياسة العقوبات الجماعية بتفجير البيوت وتدمير الأراضي والمحاصيل الزراعية واستخدام الرصاص الحي، الذي طال حتى الصحافيين، وتشل يديها عن تدنيس المقدسات الإسلامية والمسيحية، ومنها المسجد الأقصى وكنيسة القيامة!
الأجدر بها أن تدافع عن حقوق الذين وجدوا أنفسهم دون حقوق مدنية أو هوية وطنية، وأن تدافع عن المعتقلين في سجون غوانتانامو بلا محاكمات عادلة، وأن تعوض ذوي الضحايا بسبب الأسلحة الأميركية الفتاكة دون وجه حق، وأن تدافع عن التمييز العنصري بسبب لون البشرة السوداء!
للأسف، محاولة غزو المجتمعات الإسلامية بهذه الفواحش التي تنافي الفطرة السوية هي محاولة غبية تؤدي إلى انحسار النظرة الحبية والتقديرية لأميركا بصفتها دولة عظمى، بينما منافسوها مثل روسيا، تبدي احتراما وتقديرا للتشريع الإسلامي وترفض إقحامه بـ «المثليين»!
وليس سراً أن مثل هذه التصريحات الاستفزازية قد حرّكت مشاعر الغيرة الدينية لتقوم الآن تحالفات شعبية موحدة لحماية القيم الإسلامية وتكريسها والدفاع عنها بالطرق السلمية المتاحة، وها هي طلائع صيحات نواب مجلس الأمة تعلن تنديدها لهذه الجسارة والاعتداء على نواميس المجتمع الكويتي، والمساس بالبيئة الإنسانية الطبيعية. وعلى المجتمع الكويتي بجميع مكوناته ومؤسساته الرسمية والأهلية دعم هذا التوجه حماية لأبنائهم وبناتهم من هذا الغش الأخلاقي، ودون أن يصرفها عن قضاياها الأخرى السياسية والاجتماعية، أو أن يغل يديه للتصدي ضد الفساد المالي والإداري.
لأن السكوت والصمت والتغاضي عن هذا الغزو الثقافي الشاذ هو بذاته عامل مشجع لمزيد من هذه الموبقات والتي تستهدف تمييع الهوية الإسلامية التي تمثل أهم عائق تجاه مشاريع الخذلان والاستضعاف في المنطقة!
بل إن ديننا يصرح بوضوح، قال تعالى: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون).
فهناك علاقة وثيقة بين التلوث البيئي والتخريب الحضاري، والتصرفات الآدمية التي تنم عن تراجع الرقي الآدمي! ولعل آخر مصادق هذا التخريب تفشي «جدري القرود»!
[email protected]