عبدالهادي الصالح
يثار بين الفينة والأخرى موضوع من المواضيع التي لها صداها الطائفي المقيت وكأننا لم نستوعب ولم نتعظ من المحارق الطائفية التي أحرقت البلاد والتي ابتليت بها، والآن عندنا الموضوع القديم المتجدد حول التمييز في تراخيص بناء المساجد ولاسيما مساجد الشيعة!
ورغم الصورة المشرفة للوحدة الوطنية التي تجلت أثناء الاحتلال الصدامي، الا ان البعض للأسف لايزال يمارس حقده وضغينته على أبناء وطنه الآخرين لاختلافهم معه في المذهب الديني!! وكأنه يمارس هوايته في مزرعته الخاصة أو جمعيته القاصرة على فئته، وليس يمارس وظيفة عامة معاييرها الاخلاص والأمانة ومنطلقها خدمة المواطنين بالمساواة والعدل وتكافؤ الفرص. أقول ذلك وأنا أحد ضحايا هذه الممارسات البشعة في شأن التعسف بحرماني من بناء مسجد (الطلب في 20/7/1979 وتم رفضه رسميا في 24/4/1983) والآن تم تجديد هذا الطلب في 10/7/2007 والمأمول من زميلنا وزير الأوقاف الأخ عبدالله المحيلبي المحترم وإدارة المساجد بوجهها الجديد النظر فيه.
لكن يثار بحق: لماذا عندنا مساجد للسنّة وأخرى للشيعة؟! لماذا لا تكون مساجدنا موحدة فكلها لعبادة الله الواحد الأحد. فالرسول محمد ( صلى الله عليه وسلم ) واحد والقبلة واحدة! فليصل الجميع معا ولننته من هذه المشكلة الفئوية الكريهة! وأنا شخصيا مع هذا المطلب «المسجد الواحد» الذي يجمع الجميع مثلما الكويت تجمعنا، ولتحقيق هذا المطلب بنجاح علينا ان نوفر المتطلبات الفقهية لجميع المصلين، حيث ان الاسلام في الواقع يتضمن اجتهادات فقهية ومدارس لا يمكن بهذه العجالة الغاؤها ولذلك لنوفر في هذا المسجد صندوقا لقطع الترب (مفردها تربة وهي قطعة من الطين اليابس) لزوم سجود المصلين الشيعة حيث لا يجوز عندهم الصلاة على السجاد المنسوج من القطن والصوف وما شابه.
وكذلك لنجعل الفرص متاحة للجميع من الأذان والاقامة، فلهم ان يضمنوه «حي على خير العمل» على سبيل المثال ولهم ان يجمعوا بين الظهر والعصر وكذلك بين المغرب والعشاء كرخصة شرعية، مثلما الأمر متاح للدورية في إمامة المصلين وإعطاء الدروس الفقهية الخاصة بالصلاة أو بالعقيدة الاسلامية لأن المسجد محل كذلك للوعظ والارشاد على ألا تصل تلك الى المساس بأي اجتهادات للآخرين واحترامها.
والخلاصة ان يكون هذا المسجد الواحد موحدا للجميع بالمساواة وتكافؤ الفرص الدينية بلا أي مصادرة لحق الآخرين، فاذا كان كذلك فأنا أول الداعين اليه ومستعدا لإلغاء طلبي في ترخيص بناء مسجد، اما اذا كان ذلك مدعاة للحساسية الطائفية واستغلالا لها، والأفضل ان تتعدد لدينا المساجد من منطلق احترام الاجتهادات والتعدديات الدينية، فليعذر كل منا أخاه ولنتحد في ذلك ونمارس هذا الحق مواطنين ومسؤولين بتلقائية وعفوية مقرونة بمسؤولية اسلامية ووطنية ولا ضير ان يكون مثلا مسجد شيعي واحد في كل ضاحية سكنية دون أي إثارة لمشكلة تراخيص مساجد للشيعة والأبواب مفتوحة للجميع بلا أي تحفظ أو حساسية!
استودع الله الجميع مع دعائي لهم بالخير وللوطن السلامة.