عبدالهادي الصالح
الحمد لله الذي وفقنا للحج إلى بيته الحرام، وزيارة النبي (صلى الله عليه وسلم) وآله الأطهار وصحبه الأبرار.
منذ صدر الإسلام والحج يحتشد فيه الناس من كل مكان، وطبيعي ان يحصل الازدحام ويكابد فيه الحاج العناء والمشقة، وهو ما يستفاد من خلال الروايات والأحاديث الشريفة مثل «الحج جهاد كل ضعيف»، «ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج».. الخ.
ولذلك ينبغي ان يتم السعي دائما لما من شأنه تخفيف هذا العناء، وغني عن البيان ما تقوم به المؤسسات السعودية من مشاريع وتنظيمات يشهد لها الجميع، مما يوجب الشكر والتقدير.
لكن مواجهة هذا العناء والازدحام المتنامي سنويا تحتاج كذلك الى طرفين آخرين، بالاضافة الى السلطات السعودية فهم ثلاثة اطراف معنيون مباشرة بالحج.
فالأفراد «الحجاج» بحاجة الى وعي مكثف حول الاداء الصحيح لمناسك الحج والاهتمام بالنظـــافة وعــدم افتـراش الســاحات والأرصفة للسكن والانضباط بالأخلاق الاسلامية والعمل على الالتزام بالتطورات الإنشائية في المشاعر المقدسة الشــرعية والإيثــار وعدم التدافع، لاسيما في الطواف حول الكعبة المشرفة، وافساح المجال للآخرين.. إلخ.
أما الطرف الآخر وهو المهم فهم الفقــهاء في الشــريعة الإسلامية، فمهــما بالغــــت الممــلكة العربية السعوديـــة فــي إعــداد المنــشآت والـخطط فإنها لن تنجح إلا من خـــلال توافق ذلك مـــع الأحكـــام الفقهية المتعلقة بالحج عموما، صحيح انه من المعلوم ان المملكة لا تقدم على شيء إلا بعد استشارة فقهائها، ولكن ذلك لا يكفي في رأيي فلابد من توسيع دائرة هذا التشاور إلى فقهاء المذاهب الأخرى في العالم الإسلامي وبالأخص المدرسة الإمامية الجعفرية التي تحتل نسبة كبيرة بين حجاج العالم، حيث لاحظنا على سبيل المثال انه بالرغم من المشاريع الضخمة في رمي الجمرات من أدوار متعددة الى توسيع امتداد جدار الرمي، الا ان هناك مجاميع كبيرة من الحجاج تصر على الرمي من مكان العمود القديم الذي كان يتوسط الجمرة، وكذلك اختيار الدور الارضي منها، وذلك التزاما بأحكام شرعية في هذا الشأن، ومن المحتمل ان يثار إشكال شرعي آخر بالنسبة الى المسعى الجديد حيث يشترط الفقهاء ان تكون بداية أشواط السعي من جبل الصفا وتنتهي على جبل المروة وهو غير معلوم حتى الآن بالنسبة لهذا المسعى الجديد الذي في طور النهاية من بنائه، فلو تم إطلاع هؤلاء الفقهاء على هذه المشاريع وتفصيلاتها لعملوا على مساعدة السلطات السعودية الشقيقة على دفع الحجاج نحو الالتزام بهذه التطورات الجديدة بعد ايجاد استنباطات واخراجات شرعية مبنية على اطلاع وتفهم الواقع الإنشائي، وهو بالتأكيد ما سيساعد ويخفف عناء الحجاج مع كل هذه التسهيلات.