عبدالهادي الصالح
تناغمت الكلمات الثلاث (النطق السامي، الخطاب الأميري وكلمة رئيس السن لمجلس الأمة) في جلسة افتتاح الفصل التشريعي الجديد. وانسجمت في تشخيص مشكلتنا السياسية التي تختزل كل المشاكل الأخرى، فعندما يتحدث الخطاب الأميري عن استحقاقات العمل الوطني عبر ملفات اربعة: الوحدة الوطنية، تطبيق القوانين، العلاقة بين السلطتين وملف الإعلام. فإن ذلك تعبير صريح وشجاع عن تقصير مؤلم جرى في السابق وعلى الحكومة التعاون مع المجلس لمعالجته، وبالتبعية معالجة المشاكل الخدماتية والفساد الذي ينخر في الجسد الاداري للدولة. وهو كله كلام طيب وجميل ورائع ان تتحدث السلطتان بهذا الوضوح، لكن ذلك يحتاج من الحكومة بالذات ان تكون منذ البداية حاسمة وصارمة في تطبيق القوانين على النحو الدستوري في تكريس مبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص، وان تبتعد عن مقايضة النواب عبر فتح وغلق «حنفيات» الخدمات وتحرير المعاملات، وعن مراعاة وترضيات الأصوات العالية من ذوي القدرة على اثارة الزوابع الدخانية سواء من داخل او خارج المجلس، فلابد ان السلطة باتت الآن مقتنعة تماما بأن هذه السياسة لم تجلب لها الا الخراب وتنمية روح الطمع والجشع لبعض النواب وقواهم حتى انهم ظهروا وكأنهم يتحكمون في عجلة القيادة للحكومات السابقة الا من رحم ربي!
في اعتقادي ان الخطاب الاميري اعطى جرعة كبيرة من التفاؤل في تصحيح الاخطاء، لكن اي تجاوز او تراجع عن وعد وعهد الحكومة الاخير سيضرب مصداقيتها في الصميم ولن يجد الشارع الكويتي بديلا عن ان يحتشد وراء هؤلاء النواب حتى وان اخطأوا وتجاوزوا احتراما وتقديرا لهم ـ على الأقل ـ لانتصار ارادتهم على ارادة الحكومة التي وعدت فأخلفت ـ لا سمح الله ـ بعكس لو صمدت الحكومة وأصرت على وعدها فانها سترى الشارع الكويتي كله يقف وراءها ويؤازرها اكثر مما آزرها في الانتخابات الاخيرة، نعم ان هناك تحليلات توجه اللوم لها كونها السبب في كل ازمان تلك الملفات. لكن ليس من بديل الا ان ننظر الى الامام ونترك الماضي وراء ظهورنا بعد اخذ العظة والتجربة منه.