منذ زمن بعيد واليمن لم يعد سعيدا مثلما كان يسمى بـ «اليمن السعيد» فبعد توالي الانقلابات والتدخلات الحربية ايام الزعيم المصري الراحل جمال عبدالناصر، والوضع الداخلي لليمن لا يكاد يهدأ حتى يشتعل مرة اخرى، بل حتى في علاقات اليمن العربية توترت، آخرها وقوف النظام اليمني داعما ومساندا للنظام العراقي المقبور «صدام حسين» اثناء غزوه لبلادنا الكويت اغسطس 1990، وما اعترى العلاقات الكويتية ـ اليمنية من توتر وردة فعل شعبية عنيفة ضد النظام اليمني الحالي قبل ان تتحسن العلاقات شيئا ما!
رغم ما يكنه الكويتيون عامة للشعب اليمني من احترام وتقدير لما يمتازون به من صدق وأمانة، ولذلك كانوا دائما مؤتمنين على الصناديق المالية للمؤسسات الكويتية، ومنذ فترة بدأ الوضع يزداد سوءا خاصة مع تغلغل جماعات القاعدة الارهابية في عمليات تفجيرات واغتيالات، والآن مهدد بالانقسام مرة اخرى لليمن الشمالي والجنوبي وبدأت وتيرة نغمة الانفصال تعلو، ويهدد زعيمها سالم البيض قائلا ان لم يكن ذلك بالسلم والا عبر الكفاح المسلح، وفي هذه الاثناء يتفجر الوضع في الشمال في «صعدة» وما حولها مع جماعات الحوثيين او الزيدية الاسلامية بعد توتر مزمن ومصادمات متقطعة، ولعل هذه القضية تعد الاخطر ليس في الكيان اليمني فحسب، ولكن حتى على المستوى الاقليمي! لاسيما ان هذه الحرب المستعرة بين الحوثيين والجيش اليمني الذي يخوض حربا صعبة مستمرة لاكثر من شهر حتى الآن لم يستطع حسمها رغم كل امكانياته الفنية وآلياته العسكرية والدعم اللوجستي السياسي والعسكري الذي يتلقاه من بعض الدول الشقيقة والصديقة «وخلفت من ورائها مآسي انسانية في آلاف المشردين في العراء يقاسون الحرمان من اسباب الحياة الآدمية» ولكن وجه الخطورة في هذه الحرب الشرسة بين الحوثيين والسلطة اليمنية انها بدأت تأخذ ابعادا دينية ذات صبغة طائفية بحيث حولت اعداء الامس الى احباء بدوافع العصبية الضيقة، ومن يدخل الى الانترنت يقرأ المصائب من المماحكات والاتهامات الدينية بين اطراف غير يمنية، والاتهامات تشرق وتغرب تعيد الى الاذهان مزاعم الهلال الطائفي والولاءات الخارجية، وبهذا تتكرر مأساة الحرب الايرانية ـ العراقية التي استمرت ثماني سنوات والتي خلفت اثناءها وبعدها الفتن الدينية والاتهامات التي شرخت الوحدة الوطنية لدى كثير من البلاد ذات العلاقة من بعيد او قريب، ونحن في الكويت نحمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواه عندما جاء الغزو الصدامي وحدنا مرة اخرى وبصلابة اقوى، لكن هذه الحرب اليمنية الآن بدأت تكشر عن انياب الطائفية مرة اخرى على المستوى الاقليمي وتخرج عن كونها قضية يمنية داخلية ولذلك على العقلاء من القياديين من امتنا التدخل سريعا لحل مشكلة الحوثيين مع السلطة اليمنية واحتوائها عبر معالجة منصفة تراعي حرمة الانسان وحرياته المسؤولة وحقوقه تحت مظلة وطنية مخلصة تعيد لليمن وحدته وسلامته فهذه الحروب الداخلية لا تسعد احدا في قلبه خير والا فإن الخشية ان تكون تمهيدا لحريق يهلك فيه الجميع ولا منتصر فيه، وصدق «آية الله السيد محمد حسين فضل الله» حين قال: «ضوء أخضر لاستباحة الأمن الاسلامي وتدمير مشروع الوحدة الوطنية»
[email protected]