في عشية ذكرى مأساة 2 أغسطس 1990، التي ذبحت العروبة بيد المقبور صدام حسين، بغزوه الكويت التي وقفت معه، فتجرعت من ذلك درساً قاسياً، يستحق أن نتذكره دائما مع الأحداث المشابهة والمتجددة.
ولكنه درس يبني ولا يهدم، ولا يجمّد إرادتنا في صندوق الزمن الأغبر، وألا تتعدى جريرته أطراف جريمته، حتى لا نخسر الميزان.
يبقى العراقيون جيراننا وجزءاً من أمننا الشمالي بالمفهوم الشامل، ولا يمكن معاقبة شعب بأكمله، هم ضحايا ذات الطاغية، تكبلوا مثلنا أثماناً غالية من الأرواح والممتلكات، وتحملوا جرائمه التي يندى لها جبين الإنسانية الحرة!
ومازالت حثالة قليلة هم أيتام صدام الطاغية، وبمساعدة عصابات داعش وأعوانهم، يقاتلون من أجل إعادة وجودهم على سدة الحكم، مستثمرين كل الظروف السلبية التي يعاني منها الشعب العراقي، الذي وعى المؤامرة فحشد قواه فصبر وانتصر وظفر، ولكن للصبر حدوداً، فطفح لديه كيل الفساد حتى انفجر!
ولأنه أمير الإنسانية، بادر صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله، بتقديم الدعم السياسي وأتبعه بالدعم اللوجستي، ليتخطى العراقيون محنتهم مع الكهرباء وملحقاتها، وهي رسالة بليغة راقية تعبر عن النوايا الخيِّرة في تجاوز الماضي، والتطلع نحو الأفضل، ونفهمها كذلك رسالة شكر، للتضحيات الجسيمة التي تحمّلها العراقيون الشرفاء لدحر الدواعش المجرمون عن وطنهم وعن جيرانهم. ولا يهم الندرة القليلة منهم ومنا، ذات القلوب المريضة، التي تقابل الإحسان بالإساءة، وتدق «إسفيناً» في العلاقة بين الجارين، ومازالت ترتهن العراق في قبر صدام لا رحمه الله.
رحم الله الشهداء الأبرار، الذين بدمائهم الزاكية أضاءوا لنا أنوار عيد التحرير، بعد ظلام 2 أغسطس 1990.
عن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام أنه قال: «رأيت أمي فاطمة (عليها السلام) قائمة في محرابها ليلة الجمعة، فلم تزل راكعة ساجدة حتى انفلق عمود الصبح، سمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسميهم وتكثر الدعاء لهم ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت: يا أماه لمَ لا تدعي لنفسك كما تدعين لغيرك؟ قالت: يا بني الجار قبل الدار».
[email protected]