للسفر متعة وفوائد أجملها الإمام الشافعي رحمه الله بقوله: «تغرب عن الأوطان في طلب العلى.. وسافر ففي الأسفار خمس فوائد: تفرج هم، واكتساب معيشة، وعلم، وآداب، وصحبة ماجد».
والمقولة المشهورة للشيخ محمد عبده رحمه الله عندما ذهب الى باريس عام 1881 ثم عاد عند العرب فقال قولته المشهورة:
«ذهبت للغرب فوجدت إسلاما ولم أجد مسلمين، ولما عدت للشرق وجدت مسلمين ولكن لم أجد إسلاما».
وعندما هجر السياح الخليجيون بالذات مناطق الاصطياف العربية التي نكبت بالاحتقان السياسي، وحوادث العنف، او هكذا خطط لها، وتوجهوا الى جمال الطبيعة الأوروبية، ومعالم حضاراتها، كان فرصة للتطبع على النظام واللطف في التعامل، وحسن ادارة المرافق والطرق العامة، لكن للأسف لا يزال الوضع إجمالا كما قال الشيخ عبده قبل قرنين!
ولكن الذين لم تساعدهم ظروفهم، للسياحة والاصطياف، وبقوا في الديرة في حرها وغبارها، فعليهم ان لا يحزنوا ولا يتحسروا، وان يقروا عينا بالنعم الكثيرة التي تحيطهم ولا تخلو منها ديارنا، فلا يستشعرها الا الذي فارقها الى ديار الفرنجة!
فأنتم في عز حمارة القايلة (قيظ الظهيرة) تتلحفون من برد التكييف، بينما مواطنوكم (خاصة في هذا العام) في أوروبا في مرتفعات جبال الألب ينقعون بعرق الحر، لا يسعفهم تكييف ولا مروحة.
وأنتم تنعمون بحمد الله تعالى (على سبيل المثال) بالأطعمة والفواكه والخضار واللحوم الحلال البلال تأتيكم رغدا من كل مكان، وبأرخص الأسعار (نسبيا)، هل تعلمون ان سندويش الفلافل عندكم والتي تكلف 100 فلس، تكلفتها هناك نحو 6 يورو (تقريبا دينارين)! وعبوة المشروب الغازي هناك تبتاع بنحو 4 يورو (تقريبا دينار و400 فلس)! وقس على ذلك.
وإجمالا (مع كل مآسينا ومعاركنا) نحن كذلك في نعمة وافرة أينما كنا، نسأل الله تعالى أداء حقوقها بالحمد والشكر لله تعالى في اللسان والجوارح والمواقف، فالله تعالى يحذرنا من خلال تجارب الأمم السابقة المشابهة: (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون)
ومصاديق الكفر بأنعم الله تعالى كثيرة منها منع الحقوق الشرعية، ومساندة الظلم والظالمين، وعدم التواصي بالحق، ومنع الماعون عن الجوعى الفقراء والمحتاجين، والمنكوبين واللاجئين والمشردين وضحايا الحروب كما هم اخواننا في فلسطين وسورية واليمن وافريقيا، بل حتى من بيننا من بني جلدتنا.
مساهمتنا في إغاثة هؤلاء المنكوبين حماية لرخاء البلاد وضمان لسعادة اهلها.
[email protected]