مشكلة بعض المسؤولين أنهم يصدرون قرارات وهم على مكاتبهم الفخمة بعيدا عن الواقع، وعدم الإلمام ببيئة محل القرار!
رغم أن الحسينيات ضاربة جذورها في تاريخ الكويت، ولم يسجل عليها خرق أمني واحد، بل لها مآثر جمة على البلاد وأهلها الشرفاء، ودور في الأمن الاجتماعي والسياسي، وكم من التدابير التي اتخذها رجالات الكويت من داخل الحسينية لتحصينها ضد الغزوات الخارجية. بل لم تكن يوما ما مصدرا للمشاكل والأزمات، ولذلك نجد الحسينية تلقى دعما ومؤازرة مادية ومعنوية من الأسرة الحاكمة ومن الشعب الكويتي.
وفي داخل الحسينية تجري أعراف وتقاليد في غاية الدقة والنظام لتدير أمور الحسينية، وعلى الأخص فيما يتعلق بالجوانب المالية التي تتداخل فيها الأحكام الشرعية الجعفرية، والأعراف الخاصة.
بعض الحسينيات لديها عقارات موقوفة للصرف عليها. وهناك اثلاث خصصت للمجالس الحسينية، وغالبية الحسينيات يقوم أهلها بالصرف الخاص عليها أبا عن جد، ولذلك تجد معظم الحسينيات القديمة تأخذ مسميات العوائل، بالإضافة إلى مصادر النذور الشرعية التي تعقد لله تعالى لا شريك له.
وقد أكدت النصوص الشرعية على أن مشاركة أهل البيت النبوي عليهم السلام في أفراحهم وأحزانهم من علامات الإيمان، ولذلك يقبل الجمهور تقربا لله تعالى بالتبرع بحماس لمشاركة هذه الحسينيات في تكاليفها التي تتوزع على ترميم مبانيها وصيانة وتجديد أثاثها ومعداتها وأجهزتها وكذلك المشاركة في تقديم الهدية المالية للخطيب، ومكافأة العاملين والخدم وكذلك فيما يتعلق بالإطعام وخاصة يوم عاشوراء، حيث يتفرغ المحبون لحضور مجالس عزاء الحسين عليه السلام. وفي ذلك أيضا يسارع عدد من الشخصيات والشيوخ من آل الصباح الكرام والشركات التجارية بتقديم المواد الغذائية تبركا لسبط النبي صلى الله عليه وآله الذي قال فيه «أحب الله من أحب حسينا» وتكريما لرواد الحسينية، والتي تتكبد تلك المصاريف الباهظة. وكلها معاملات تراثية، كما هم رجال الكويت القدماء على مبدأ «اعتمد»، وتتم استلاما باليد عبر الثقة العميقة المتبادلة، ومن المعيب جدا ان يعطى الخطيب هديته ثم يطلب منه مستند استلام!
ولم تشهد النيابة العامة ولا المخافر اتهامات بالفساد أو خيانة أمانة في هذه المؤسسات الدينية، ولم يضطر المشرع الكويتي للتدخل، لان أموال الحسينية لها حرمة شرعية مشددة، والإدارة تتم عبر متولي عليه التزامات شرعية دقيقة.
لكن هذا الوضع المستقر يبدو انه أصبح مصدر حسد ومناكفة، فبدأت الضغوطات السياسية والقلة المتطرفة تثقل على صاحب القرار، للتعسف في الرقابة المالية الرسمية، مثلما ضغطوا لتأخير سمات الدخول للخطباء أو تسفيرهم! وهو أمر ليس جديدا، فلقد تعرضت النهضة الحسينية على مدى التاريخ لأنواع من الضغوطات والتحديات بالغة التكاليف والتضحيات، ولكن جواب شقيقة الحسين السيدة زينب (عليهما السلام) كان ولايزال حاضرا: «فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا».
[email protected]