تزامن وفاة الكاتب الكويتي الروائي المرحوم إسماعيل فهد إسماعيل قبل أيام مع الصدى الدولي للوقفة الاحتجاجية ضد منهجية منع الكتاب في الكويت، وكأن وفاته صوت آخر مع هذا الاحتجاج!
المهتمون بالفكر والأدب يستغربون أن تحدث مذبحة المنع لعدد 4390 كتابا خلال السنوات الخمس الماضية في الكويت، بلد الثقافة والحريات الدستورية! وذلك في إجابة لسؤال برلماني للنائب خالد الشطي.
وما كان ذلك يستمر إلا بسبب فوبيا الكتاب الذي أصيبت به الحكومة منذ العام 1998 عندما استقالت الحكومة بعد أن قدم النواب طلب طرح الثقة في وزير الإعلام الأسبق المرحوم الشيخ سعود الناصر الصباح، إثر استجواب نيابي حول تسرب بعض الكتب الممنوعة إلى المعرض الدولي للكتاب العربي بالكويت.
لا جدال في منع الكتب التي تتضمن كفرا بواحا أو مواد إباحية فاجرة، ولكن المؤسف أن تمنع كتب تتضمن مواد لا تعجب الرقابة رغم أن مصادرها موثقة من أمهات الكتب التراثية المعروفة والتي تعد مصادر الباحثين في التاريخ والأدب، ومن المصادر الإسلامية المعتبرة في الحديث والتفسير ومنها كتب الصحاح. قال لي أحد النواب الإسلاميين عندما أثيرت ضجة غير مبررة ضد كتاب الأدعية «الصحيفة السجادية» (أكتوبر 2006) لورود حديث نبوي شريف لا يعجبه، قال لي بالحرف: «نعم موجود الحديث عندنا، ولكن لا نريد أن تذكره»!
ليست المعالجة في تشكيل لجنة التظلمات التي تعيد النظر في الكتب الممنوعة، فليست المشكلة في تغيير الوجوه، وإنما في تغيير المنهجية والمعايير البالية، التي تخطتها ثورة تداول المعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي العالمي.
وإنما في إسقاط الرقابة المسبقة الحالية، واستبدالها بالرقابة اللاحقة، التي تفتح للجميع حق اللجوء إلى القضاء في حالة وجود مواد ممنوعة في الكتاب المتداول في الأسواق.
وبذلك تخرج سلطة منع الكتاب من ولاية أشخاص قد يكون لهم انتماءات وأهواء سياسية ودينية إلى ولاية القضاء، لينظر في ادعاءات الخصوم وفي دفاعات أصحاب الرأي والفكر وجها لوجه.
[email protected]