تحرص الأنظمة السياسية على تأمين واستقرار مستقبل القيادة في دولهم، قائدا بعد قائد تحت مختلف المسميات: ولي العهد، نائب الرئيس، مجلس قيادة الثورة أو مجلس البيعة... الخ، وهي إجراءات تستهدف الاستقرار وعدم الفوضى في حالة خلو مقعد قائد البلاد.
ومن المؤكد أن نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وبتسديد رباني قد احتاط كذلك لهذا الأمر العقلاني، فمن غير المعقول انه لم يهتم بأمر قيادة أمته من بعده، وهي أمة لا زالت جديدة عهد بالإسلام تحدوها الأخطار والمستجدات من الداخل والخارج. ولذلك نجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي كان يهتم بدقائق أمور أمته في حاضر ومستقبل امته، ولم يهملها حتى أثناء شدة مرض الموت - بأبي وأمي - يؤكد باستمرار على وجوب تسيير جيش أسامة بن زيد. وفي آخر ساعاته يخاطب من حوله من أصحابه «ائتوني بدواة وكتف، لأكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا» وهو نظير دأبه في مختلف مراحل ومفاصل الدعوة الإسلامية يشير ويسمي لمستقبل أمة الإسلام، حتى صرح صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع «إني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله عز وجل وعترتي، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي..». وهو أمر يجرى بتقدير إلهي. وهو أمر يختلف عن مبدأ الشورى في القضايا التي لم يرد فيها نص شرعي: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) - الأحزاب 36-
«.. اللهم فارفعه بما كدح فيك إلى الدرجة العليا من جنتك.. وعرفه في أهله الطاهرين وأمته المؤمنين من حسن الشفاعة..»- من دعاء الإمام علي بن الحسين عليهما السلام، في الصحيفة السجادية - «ذكرى يوم وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم 28 صفر».
[email protected]