وصلتني اعتراضات تلومني على ما جاء في مقالتي «بوش جزاك الله خيرا» (جريدة الأنباء يوم الأحد 2/12/2018) وملخص هذه الاعتراضات: «كيف تشكر وتترحم على الرئيس الأميركي جورج بوش الأب وهو يمثل السياسة الأميركية الظالمة، بل إن اجتياح قوات صدام حسين للكويت لم يكن إلا بضوء اخضر من الأميركان، وبوش هو الذي أذن لطائرات صدام المقاتلة ان تضرب الانتفاضة الشعبانية العراقية على النظام العراقي في مارس 1991...».
وأنا أعلم أنها تنطلق من المحبة لي شخصيا، والنصيحة لله تعالى. واحتمل كذلك ان البعض من الإخوة والأخوات الأعزاء يحملون هذا اللوم والعتاب ولكن لسبب أو آخر منعهم من التصريح به.
وبدوري أبادلهم الاحترام والمحبة، والتقدير لآرائهم يدفعني للتوضيح التالي:
محور المقال يتركز في جزئية تحرير الكويت فقط، في هذه المفردة، وليس غيرها. ولم أؤيده بالمطلق: قلت «لا نطيق غالب السياسة الأميركية في الشرق الأوسط».
نحن ككويتيين من الذوق والأخلاق أن نشكر من أحسن لنا، وأتذكر كيف نحن أثناء الغزو والأسر عندما ننقل من سجن إلى آخر من البصرة إلى سجن الرشيد في بغداد إلى معتقلات الموصل إلى سجون الرمادي تحت الجوع والبرد والقذارة، ونعيش القلق على أحبائنا داخل الكويت وخارجها. ثم كيف كنا نتابع بشغف شديد التحرك العالمي دقيقة بدقيقة، نحبط لأي تأخير ونصفق بهجة لكل كلمة تمثل بارقة أمل للتحرير لإعادة وطننا السليب من هؤلاء الصداميين الذين عاثوا في الكويت فسادا وفجورا وتعذيبا وهتكا في أعراض النساء والشباب، مما يعف القلم عن سرده، بنفس السيناريو الذي مارسه صدام في الشعب العراقي المظلوم، وسلب منا المستشفيات والمدارس والمعاهد وكل مؤسساتنا التي تدعم مصالح الناس والنظام العام، ولما جاء التحرير سجدنا لله شكرا ثم خرجنا فرحا بزهو شديد جدا ونعانق جيوش التحرير.
وأعتقد ان الله تعالى سخره لنا بدعوات المؤمنين والأعمال الخيرة للمحسنين.
الآن ونحن شبعانون آمنون مترفون قمنا نتفلسف وننظر بترف للماضي القريب، وكأن لسان حالنا يقول: «لعنة الله على بوش لو مخلينا في حالنا في محنتنا غرباء في وطننا نعاني الجوع والمرض والقلق وتحت ظلام حرق حقول النفط تحت صدام ابرك!» إذا كانت هذه أمنياتكم فأنتم وتمنياتكم، لكن نحن نردد الحمد لله وشكرا لمن ساهم في تحرير بلدنا.
حب الوطن من الإيمان كما جاء في الحديث «ومن لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق»، أم هي نظريات وأدبيات تراثية فقط نرددها في احتفالاتنا الوطنية للردح ولنثبت لغيرنا وطنيتنا؟!
إذا رحمة الله وسعت كل شيء، ونردد يوميا الرحمن الرحيم، ويقول الإمام زين العابدين عليه السلام في دعائه «انت الذي اتسع الخلائق كلهم في وسعه» لماذا نضيقها على عباده بالمطلق؟ نحن نترحم عليه بهذه الحسنة التي لمسناها لمس اليد وليس تكهنا وتحليلا سياسيا.
والله سبحانه هو الخبير بعباده ويجزي بوش وغيره بما يعلمه الله من حسناته وجرائمه. أما جرائم أميركا هنا وهناك فأعتقد مقالاتي واضحة للمنصف وبما هو مسموح للنشر ولا يجرّمه القانون. ولا ازكي نفسي المقصرة. وحتى في تلك المقالة أشرت إلى الدرس الخالد محذرا: ان لا نكون ظهرا للمجرمين.
[email protected]