في الأصل تطلق «الخواجة» على السيد من علية القوم والمدرس والمربي وأهل المهارة والإتقان. وبالفعل، اجتمعت هذه الصفات الحميدة في الأخ الحبيب الورع الطاهر النقي المؤمن الزكي والمحسن البار الحاج علي حسن الخواجة «قدس الله سره»، فقد ارتحل إلى بارئه الرحمن الرحيم، الذي طالما هرع إلى رحابه ليلا ونهارا، فالمساجد تعرف وطأته مصليا من قبل الفجر وكل الفروض الواجبة والمستحبة ومعتمرا وحاجاً للحرمين الشريفين وزائرا للديار والعتبات المقدسة، يحرص على الاعتكاف في ليالي شهر رمضان، تاليا للقرآن الكريم، ولا تكاد تراه غافلا، فلسانه وشفتاه دائما يرتعشان بذكر الله، لا تعيقه عن ذلك مغريات الدنيا ومتاعبها.
عمل مرشدا في الحج مثلما عمل معلما دينيا للفتيان في الصيف، ابتلي في حياته، آخرها مرضه الموجع، لكن أشدها وطئا قتل أخيه وثلاثة أبناء عمومته في تفجير مسجد الصادق عليه السلام.
منذ نعومة أظفاره في مدرسة الصباح الابتدائية كان يحب زملاءه ويبادر لمساعدتهم، وهكذا سار في كبره، يتفقد أحوال إخوانه المؤمنين ويبادر لمساعدتهم كلما أمكن حتى وثق الميسورون به لتوصيل الاحتياجات المالية والغذائية الى محتاجيها سرا وعلانية، ولديه برنامجه اليومي يوميا ليعود المرضى في المستشفيات والبيوت، ويقدم التعازي في مجالس العزاء لذوي المتوفين، حتى كان مصدرا لهذه المعلومات الاجتماعية لمن يريدها.
كان بارا بوالديه وكان لوالده اليد والرجل، خاصة بعد وفاة والدته وكبر سن والده، رحمهما الله تعالى.
كان واصلا لرحمه بشكل كبير، ولديه جدول أسبوعي لزيارة أرحامه وتفقد أحوالهم وأداء واجبهم.
يذوب حبا وشوقا في النبي وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام ويتمسك بنهجهم ومسلكهم وإحياء مناسباتهم، ولاسيما ذكرى استشهاد مولانا أبي عبدالله الحسين عليه السلام، حتى جعل بيته معلما لمناسبات أفراحهم وأحزانهم. لم يكن مشهورا إعلاميا، لكن حبه ملأ قلوب المئات من الناس داخل الكويت وخارجها، لذا امتلأ طريق التشييع خلف جنازته في المقبرة.
وأحباؤه يرددون: «رحم الله أبا فؤاد فقد تركنا يتامى مكلومين». ولكن عزاءنا انه قد طابت له هذه اللحظة القدسية التي طالما عمل لها وانتظرها ليقطف ثمارها الآن. انتقل - بإذن الله - إلى ملتقى من كان يحبهم ويتولاهم محمد وآله ومع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
اللهم إنا نشهد أنه كان محسنا فزد في إحسانه، وألهمنا جميعا جميل الصبر وحسن العزاء لهذا الفراق الحتمي.
(إنا لله وإنا إليه راجعون).
[email protected]