كان الإمام الحسين عليه السلام يفتش عن الأعذار لأصحابه، بأن يتركوه فهو المعني وليس عليهم آثام. وقال لهم: «...فجزاكم الله عني جميعا خيرا، ألا وإني أظن يومنا من هؤلاء الأعداء غدا إلا وإني قد أذنت لكم، فانطلقوا جميعا في حل ليس عليكم حرج مني ولا ذمام، هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا. وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي، وتفرقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفرج الله، فإن القوم إنما يطلبونني ولو قد أصابوني لهوا عن طلب غيري».
لكنهم هاجوا وثاروا! وعرضوا فداءهم وغيرتهم وإخلاصهم، وأبوا إلا الشهادة دون ابن بنت نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم.
وقال سعيد بن عبدالله الحنفي: والله لا نخليك حتى يعلم الله أنا قد حفظنا غيبة رسوله فيك، أما والله لو علمت أني أقتل ثم أحيا، ثم أحرق حيا ثم أذرى.. يفعل بي ذلك سبعين مرة لما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك، وكيف لا أفعل ذلك وإنما هي قتلة واحدة، ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا!
ويقول عليه السلام لصاحبه نافع بن هلال:
ألا تسلك بين هذين الجبلين في جوف الليل وتنجو بنفسك؟!
فوقع نافع على قدمي الإمام يقبلهما، ويقول:
ثكلتني أمي! إن سيفي بألف، وفرسي بألف، فوالله الذي منّ بك عليّ، لا فارقتك حتى يكلا عن فري وجري.
ثم دخل الإمام الحسين عليه السلام خيمة أخته العقيلة زينب سلام الله عليها، فقالت لأخيها: هل استعلمت من أصحابك نياتهم؟ فإني أخشى أن يسلموك عند الوثبة!
فأجابها عليه وعليها السلام: والله لقد بلوتهم.. فما وجدت فيهم إلا الأشوس الأقعس (يعني الشجاع العزيز)، يستأنسون بالمنية استئناس الطفل إلى محالب أمه.
[email protected]