هنأت القيادة السياسية الكويتية العليا إيران في عيد ثورتها الـ 41، مثلما فعلت رابطة الصداقة الكويتية - الإيرانية.
في أيام الستينيات كنت أقضي أيام العطلة الصيفية في أسواق المباركية القديمة، بين دكاكين الوالد وأعمامي وأخوالي، بالإضافة إلى انشغالي ببعض الوقت كبائع متجول.
لكن كان لي وقت أقضيه في المكتبة الوطنية القديمة في سكة جانبية، تسجل اسمك قبل أن تصعد إلى الدور الأول، حيث يستقبلك الهواء البارد من مكيفاتها العمودية تخلصك من ضيق الحر والرطوبة في خارجها، وأرتاح للوجه الباسم بحنان أمين المكتبة صاحب الشيبة البيضاء المرحوم محمد صالح التركيت، وكنت مغرما بالصحف والمجلات المحلية والعربية مثل: المصور، آخر ساعة، الأنوار، روز اليوسف، صباح الخير، هنا لندن وكذلك مجلة الطليعة! ويلفتني تكرار في أعدادها، في إحدى صفحاتها كاملة صورة السيد المعمم روح الله الموسوي الخميني وتحته كلامه الموجه للشعوب ومنها الشعب الإيراني - حيث الجالية الإيرانية كانت كثيرة بسبب عمالتها القوية والدؤوبة على العمل الشاق - يهاجم السلطة الشاهنشاهية في إيران ويحث للثورة عليه!
وكنت أقول في نفسي: يا له من رجل بسيط مسكين، حده هذا خطيب لا يتجاوز منبر الحسينية! كيف له يهاجم الشاه ملك الملوك، شرطي الخليج صاحب الآلة العسكرية الضخمة، والمدعوم من أميركا! أضحك داخل نفسي وأقلب الصفحة.
لكن هذا الرجل واصل نضاله بلا كلل ولا ملل، سلاحه اثنان:
1- خطاباته الصريحة والمباشرة بلا خوف ولا وجل في فضح سياسات الشاه الظالمة.
2- الوقار والاحترام والتقدير الذي يكنه الشعب لآيات الله الفقهاء من المراجع الدينية.
الأمر الذي منع الشاه من الإقدام على اغتياله، أو الحكم بإعدامه مثل غيره من آلاف من العلماء الأقل رتبة، والمعارضين السياسيين.
فآثرت سلطة الشاه تسفيره إلى الخارج، فواصل نضاله من مدينة بورصة التركية، ثم من النجف في العراق، وعندما قرر صدام المقبور تسفير الإيرانيين من العراق ردا على مشكلته مع إيران حول شط العرب، آثر السفر إلى الكويت، ولما وصل إلى حدود العراقية - الكويتية في سفوان العراقي، علمت السلطات الكويتية فاعتذرت عن عدم دخوله البلاد.
فغادر إلى باريس في قرية نوفل لو شاتو، وواصل خطاباته المسجلة إلى الشعب الإيراني عبر أشرطة الكاسيت، حتى ضاق الشاه ذرعا بتنامي الاحتجاجات الجماهيرية رغم كل وسائل البطش الدموي ضدهم، فآثر أن يغادر بلاده للتهدئة، وما أن أقلعت طائرة الشاه إلى عنان السماء، حتى هبطت الطائرة الفرنسية التي تحمل الإمام الخميني إلى نفس مطار طهران مهرباد معلنا انتصاره وإعلان حكومة ولاية الفقيه لأول مرة في التاريخ.
تذكرت الآن يوم المكتبة وما دار في خلدي فاسترجعت في نفسي مقولة: لا تحقرن صغيرا في مخاصمة، إن البعوضة تدمي مقلة الأسد (وتقتله)!
[email protected]