البعض لا يزال يعيب على الجيش الكويتي، وعلى قيادتنا السياسية، أنها لم تصمد في وجه عدوان جيش صدام العراقي يوم الخميس الأسود ٢/٨/١٩٩٠ إلا ساعات معدودة، قبل أن تنهار قطاعات الجيش، وتنسحب القيادة إلى خارج البلاد.
والواقع أن الكويت بلد صغير المساحة الجغرافية، لا يقوى على حرب برية وجوية طويلة نسبيا، لكن ممكن تأخير الهجوم العسكري ومشاغلته لحين الاستعانة بالمحبين، ومع هذا فقد أبلى جيشنا بلاء حسنا ولم يقصر جنودنا وضباطنا البواسل، علاوة على أن الكويت لم تستعد عسكريا، بل تعاملت على أساس وعود وضمانات بعض الوسطاء العرب بعدم تخطي القوات العراقية الحدود الكويتية، لكن اللؤم والغدر والخيانة ونقض المواثيق لنظام صدام حسين وأعوانه طغى على النخوة العربية، وهو خطأ تاريخي كان يفترض الحذر من سياسة هذا النظام الدموي في الداخل العراقي وخارجه، لكن العيب الأكبر من يرى في هذا اللؤم نصرا لقيادة الطاغية صدام!
أما انسحاب القيادة السياسية الكويتية إلى خارج البلاد فكان ضرورة قصوى لحفظ الشرعية الدستورية، ولإعطائها مرونة في الحركة السياسية مع العالم، ومتابعة شؤون الشعب الكويتي، والمتابعة العسكرية نحو تحرير البلاد.
وقد عبر عن ذلك بجلاء المغفور له بإذن الله، سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح، في مؤتمر جدة الذي ضم أطياف الشعب الكويتي، بقوله «.. إن القيادة السياسية بعد ساعات قليلة من بدء الغزو العراقي الغادر قد تنبهت إلى مخطط النظام العراقي من تحركات قواته واندفاعها السريع إلى قلب مدينة الكويت، فأدركت أن هدف العدو في تلك المرحلة كان هو القضاء على قيادة البلاد وتصفية رموزها وأعضاء حكومتها لخلق فراغ دستوري يسهل له تحقيق أهدافه الشريرة وإلباس عدوانه أثوابا زائفة.
ولكن الله سلم وانتقلت الحكومة، وعلى رأسها صاحب السمو أميرنا المفدى سمو الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، إلى المملكة العربية السعودية حيث أصبحت في مأمن من يد العدوان».
والعبرة في النهاية، وهذا ما تم بعون الله تعالى وتم تحرير الكويت فله المنة والحمد سبحانه الذي سخر لنا من يحرر لنا وطننا الغالي فلهم الشكر.
[email protected]