في حياتنا أناس بذلوا جهودا وتضحيات جبارة لبلدهم ولمجتمعهم ومنهم الشهداء، ولكن قلوبهم أو ذويهم تأكلها الحسرة! لأنهم لم يقدروا بالجزاء الأوفى!
ندعو هؤلاء إلى مدرسة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، هذه الشخصية التي حياتها كلها جهاد ودفاع عن الإسلام والمسلمين: «ما رأيت منذ بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله رخاء!» مالي ولقريش، والله لقد قاتلتهم كافرين، ولأقاتلنهم مفتونين».
حتى في منصب الخلافة كان يتلوى من الحرمان «ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه (الثوب البالي)، ومن طعمه بقرصيه (من خبز)».
«ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل ولباب هذا القمح ونسائج هذا القز ولكن هيهات أن يغلبني هواي ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشبع».
ملأ الدنيا بالحكم والعلم، وعمل ليلا ونهارا لحفظ القرآن الكريم وتفسيره. وسعى مجاهدا إلى إخماد الفتن الكبرى، وأعطى كل ما عنده لاحتياجات الناس (إنما نطعمكم لوجه الله)، (ويؤتون الزكاة وهم راكعون).
هذه الإنجازات العظيمة، كان من جزائه أن يسب من فوق المنابر التي شيدها بدمه وعرقه، أن يلعن، ان يطلب من أتباعه البراءة منه، ان يؤذوا أهل بيته! كان يفترض ممن مثله ان يقول: أنا أخسر الناس، أنا أتعس الناس، بذلت حياتي كلها تضحيات وعطاء من أجل نفع الناس وكان جزائي الشتائم!
ولكن عليا عليه السلام لم يقل ذلك، بل قال في آخر لحظات حياته، وهو يتخضب بدمه على يد عبدالرحمن بن ملجم: «فزت ورب الكعبة»، لأنها لحظات الشهادة التي سيلتقي فيها مع الله جل جلاله ليجزيه الجزاء الأوفى، لأن عمله كان لله وحده وليس من أجل الطمع فيما في أيدي الناس. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
(21 - 19 من شهر رمضان ذكرى اغتياله ثم استشهاده - الفكرة مقتبسة من محاضرة للشهيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر قدس سره).
[email protected]