استمعنا إلى التغريدات والمحاضرات والشعارات، والتي نفست عما في داخلنا من غضب وقهر إزاء عمليات التطبيع المتتالية مع إسرائيل، ويبدو أن محور التطبيع قد توقع هذا السيل الهادر ضده، لكنه يعلم أنها مسألة وقت فقط حتى يعود هذا السيل إلى الهدوء والسكينة، هكذا كان مع الحبيب بورقيبة وكامب ديفيد واتفاقيات أوسلو ومدريد وغيرها... والنتيجة مزيد من الهوان والإذلال وابتلاع من الأراضي الفلسطينية وإقامة مئات من المستوطنات الصهيونية، ويبقى التطبيع منفعة لهم ووهما للمتطبع!
الاحتجاجات والتنديد والشجب ضد التطبيع، أمر مهم ومطلوب، وهو مؤشر على يقظة الأمة، ولكنه مبتور وناقص إن لم يدعم - ولو معنويا وإعلاميا - محور المقاومة الميداني والسياسي، وهو محور يمثل الشموخ والعزة للأمة، ولولاها لساخت الأمة في ميوعة التطبيع إلى قرنيها، لكن صوت المقاومة هو الذي أبطأ من تسارع التطبيع.
يؤسفنا ان كثيرا من هؤلاء أصحاب الحناجر والأقلام التي تشدو بضد التطبيع، ومنهم المحسوبون على أحزاب وتجمعات إسلامية وليبرالية، لا يتورعون عن الاصطفاف مع المترفين والمتآمرين ضد محور المقاومة، ولا يخافون الله في وصمها باتهامات الشيطان والمجوس والشر، بينما هذا المحور يبقى وحيدا يناضل ويدافع عن شرفهم الذي تنتهكه إسرائيل! لا يدعمونه بكلمة ولا بطلقة، ويا ليتهم سكتوا، ولم يسعوا إلى توهينه وتحقيره في أعين الناس الغافلين أو المغلوب عليهم أمرهم!
محور المقاومة ليس محورا طائفيا وليس قوميا، بل يضم الشيعة والسُنة والمسيحيين واليهود والعرب والعجم، الذين تجمعهم رؤيتهم نحو إسرائيل كونها كيانا اغتصب الحقوق ودنس المقدسات وهتك الحرمات، ولا يأبه بالقرارات الدولية ويتنصل من الاتفاقيات الثنائية.
والعجب أنه لايزال في أمتنا من لا يتعظ بتجارب غيره! فهل التطبيع الحرام أعاد القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين، وهل أرجع حقا للفلسطينيين؟ بل ازدادت إسرائيل عنترية واستكبارا على المطبعين معها.
إلا أن إسرائيل ذاقت الإذلال ودس انفها في وحل من الانتفاضات اليتيمة، وقد جرّت أذيال الهزيمة في مصر الباسلة في أكتوبر 1973 وفي جنوب لبنان تموز (يوليو) 2006، عندما واجهوا إسرائيل باللغة التي تفهما وترعبها.
قال أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام في الذين اعتزلوا الميدان معه: «خذلوا الحق ولم ينصروا الباطل».
تحية إلى كويتنا العزيزة التي تقف ضد المصالح السياسية الإسرائيلية، وتفضحها في المحافل السياسية، بحسب إمكانياتها المعلومة. والله هو المسدد والحافظ.
[email protected]