جميع المدارس الإسلامية تقر بمظلومية الإمام الحسين عليه السلام، إلا أن هناك من يشذ منهم، فيخطّئه بخروجه عن البيعة وتسببه في الفتنة والقتال.
والأمر لا يحتاج إلى جدال، فجده النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، الذي لا ينطق عن الهوى، قد أعلن للمسلمين تكرارا ومرارا وبمناسبات مختلفة تزكيته للحسين وبسلامة موقفه، وأنه امتداد شرعي له «حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا».
ومراجع المسلمين تعج بعشرات الوقائع والأحاديث الشريفة التي تؤكد على هوية الحسين العصامية والمتصفة بالتسديد الإلهي، وأنه من عظم الحدث وخطره على الأمة أن جبرائيل نزل من السماء ليخبر النبي مسبقا بالجريمة الكبرى التي ستحرف الأمة عن جادة الصواب، عندما تتصدى للعملية الإصلاحية التي سيقودها الحسين وبنيه المعصومين، وحدد مكان واسم مسرح المجزرة الشنيعة (كربلاء)، وبالدقة المتناهية على التراب ذاته الذي سيراق عليه دم الحسين الزكي، وأعطاه عينة منه بما يتيح للنبي أن يعيش الفاجعة قبل وقوعها، ويلمسها لمس اليد التي تعبق برائحة الحسين المذبوح عطشانا، «فقال: هل لك إلى أن أشمك من تربته؟ قال: قلت: نعم، فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها...» فلم يملك النبي إلا أن تفيض عيناه بالدموع وينتحب بالبكاء، «. فناولها النبي لأم سلمة، وقال لها: إذا تحولت هذه التربة دما، فاعلمي أن ابني قد قتل، فجعلتها أم سلمة في قارورة»، حتى كان يوم العاشر من محرم وفجعت أم المؤمنين «فرأيت القارورة الآن وقد صارت دما عبيطا تفور». «إن الحسين مصباح هدى وسفينة نجاة وإمام خير ويمن وعز وفخر وبحر علم وذخر».
مما يعطي الحسين، بصفته إماما مفترض الطاعة، العصمة في منهجيته في مقارعته للظالمين، حتى وان كانت النتائج مؤلمة وموجعة فقد شاءت الإرادة الإلهية أن يقتل الحسين، مثلما قتل من قبله الأنبياء والصالحون والصديقون والشهداء، لتبقى قضية مستمرة تحفز المؤمنين، ولتتحول إلى شرارة تحرق الظالمين، والسائرون على نهجه لا يبايعون شارب الخمر، قاتل النفس المحرمة، والمعلن الفسق والفجور في كل مكان وزمان.
والتاريخ الموثق يحدثنا عن تحرك الآلة الإعلامية للعبث في مصادر التراث الإسلامي، وعن محاولات مستميته متكررة للحيلولة دون الارتباط بالحسين، ووضع العوائق لمنع زيارة مرقده الششريف أو إحياء مآتمه، عبر وسائل مرعبة، وكلها محاولات فشلت فشلا ذريعا.
الحسين ليس حكاية تاريخية وانتهت وإنما مدرسة ممتدة من آبائه الطاهرين ومازالت حتى اليوم معلما في العلوم الإسلامية الفقهية التي تزخر بالأحكام الشرعية الشخصية والمجتمعية والأممية، أحد معالمها المعاصرة: لا للتطبيع مع إسرائيل، نعم للمقاومة، التي تستمد من روح الحسين الصبر والثبات والصمود.
[email protected]