لم يحتل منصبا مرموقا، ولم يكن من أهل الثراء والوجاهة، بل إن الإعاقة البسيطة التي ابتلاه الله بها من طفولته، أعطته ملكة رسم الابتسامة على وجوه الناس، ينزع من القلوب المكلومة همومها، ليزرع مكانها رياحين الأمل، محبوب من جميع الناس، وهو شغوف بحبهم.
له قفشاته الضاحكة ومداعباته البريئة، دائما روحه مرحة، خدوم يحب الخير، مداعباته فطرية ممزوجة بالدعاء للناس بالخير والبركة ان يرزقهم بيتين في الدنيا وفي الجنة، وان يرزقهم الذرية الصالحة، وسبحان الله له كرامات واشتهر باستجابة الدعاء بفضل من الله، حتى أن امرأة عقيم حرمت الذرية سنوات طلبت منه الدعاء، ولم تمض سنة حتى رزقها الله تعالى ذرية جميلة، فأهدته قيمة سيارة جديدة وفاء لنذرها! وهكذا رغم بساطته فقد كان مطلوبا للدعاء والنذور إلى الله تعالى لقضاء احتياجاتهم، وللتفريج عن كربهم، لثقتهم بأن قلبه ابيض ولسانه صادق، ونيته صافية.
يعشق أرحامه ويتواصل معهم، وعنده يوم الخميس يوم مهم ومقدس لأن في ليلته لقاء خالاته وأرحامه في بيت الحجي، ويوم الأربعاء هو يوم ديوانية عيال خالته أبناء المرحوم جعفر العلي.
يقول عنه قريبه نوري: رحمك الله يا رائد حسين الصايغ، أيها المحب لله ولرسوله ولأهل بيته صلوات الله وسلامه عليهم، والله لا أنساك عندما كنت تستقبلني بالأحضان وبالتحية والسلام مع القُبل على الخدين ثم تقف في وسط الديوانية تصيح بأعلى صوت صلوات على محمد وآل محمد، ليرددها الحاضرون، فتدخل فيهم وبينهم البهجة والراحة، ناقلاً لهم سلام وتحيات الأهل والأصدقاء، ثم تخرج ما بجعبتك من أخبار سارة وسوالف طيبة. كان حمامة سلام، لكنه لا يرضى بالخطأ بالمجتمع الكويتي وينتقد الأخطاء بصورة طيبة.
متواصل مع الجميع، يحرص على تسجيل أرقام هواتفهم، متواجد في جميع المناسبات الاجتماعية.
متدين يحرص على صلاته، حتى انه يذهب إلى المسجد قبل المؤذن حتى إذا ما تأخر قام بنفسه بفتح المايكرفون ليقيم الأذان ويحرص على تقليد صوت المؤذن البنغالي!
مثلما كان يعشق الحسينيات ومتيما بحب الحسين عليه السلام، إذا لم يجد سيارة توصله ذهب مشيا من مشرف إلى حسينية البكاي بالشعب! حتى كانت آخر صلاته للمغرب والعشاء بجانب منبرها الحسيني.
والدته رحمها الله كانت تتمنى ألا تغمض عينيها عن الدنيا قبله حباً فيه وحرصاً على رعايته من الضياع، وشاء الله تعالى في قضائه أن تتوفى قبله، ولكن الله استبدله بشقيقين وشقيقة كانوا له الأب العطوف والأم الرؤوم.
لقد تألمنا والكثيرون بوفاته، وازدحمت المقبرة بالمفجوعين بوفاته الفجائية من المحبين والعاشقين.
رحمك الله ولد خالتي يا رائد حسين الصايغ، وأسكنك جناته مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
[email protected]