نشاط سياسي مكثف تشهده ساحتنا الكويتية منذ زمن طويل نظمت له جمعيات وتجمعات، ومجموعات رقمية تسمت بـ(26،40،80...وتدنت إلى 2) وساحة الإرادة شهدت وقفات وخطابات احتجاجية، ورتبت اللقاءات والاجتماعات الرسمية والشعبية، انبثقت منها عشرات اللجان، وأرشيف السلطة متخم بالأوراق والدراسات والمواثيق والعرائض والخطابات الرسمية الواعدة...الخ، وكل منها تقول أنا «السنع» والزين عندي! لكويت أفضل. علاوة على الآليات البرلمانية والأدوات الرقابية المتعددة. لا نقلل من أهميتها وفعالياتها واستحقاقاتها الوطنية.
لكن التساؤل المشروع: لماذا - رغم هذا النشاط الشعبي الواعي - نرى بأم أعيننا تزايد وتيرة الفساد الإداري والمالي، حتى طالت قيادات مسؤولة، ومشاكلنا المزمنة تزداد وتتعقد، والواسطات والمحسوبية مازالت محل اعتبار للقرار الرسمي، والانتخابات الفرعية على عينك عينك، تنتهك تكافؤ الفرص وتهدد وحدة الشعب؟
وكل ذلك يجري في أجواء موبوءة صحيا، محتقنة سياسيا، ومتأزمة عسكريا، وخطيرة اقتصاديا، على المستويين الإقليمي والعالمي، تراجع معه الدخل الوطني، والتطبيع الصهيوني المشؤوم يطرق أبواب الخليج. أرى السبب الرئيسي والمحور الجوهري أن السلطة السياسية ليست على قناعة بالإدارة الدستورية الدقيقة الشاملة، فمازالت تعيش غلبة الفكر العشائري، وهو الأمر الذي خلق البيئة الفاسدة التي تلوث بها الجميع، ولا يكاد ينجو منها أحد بمن فيهم مدعو الإصلاح.
لذلك فإن الوضع يحتاج إلى قناعة السلطة السياسية بالتغيير الجذري في إدارة الدولة، (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، ثم إلى القيام بثورة بيضاء جذرية، تنسف هذه البيئة الفاسدة، وتحل البديل الدستوري بحذافيره، ومنه تتوافر شروط دراسة جادة للأوراق الشعبية ذات الجدوى. وإلا سنبقى نجتر لغو خطاباتنا، وأضغاث أحلامنا!
[email protected]