قد يكون سبب التطرف عند بعض الاسلاميين أو العلمانيين تضييق سياسي يولد الانفجار، أو جهل يولد العداء لما يجهل، أو ضعف من الناحية الاخلاقية تجعله يتعامل مع الآخرين بغلظة واستعلاء الا أن السبب الرئيسي في التطرف يبدأ من ضيق الصدر وعدم تحمل الرأي الآخر. بالرغم من وجود كم هائل في أدبيات كل فريق تدل على احترام الرأي الآخر وتحمله، الا أن الواقع يقول غير ذلك. فنرى بعض الاسلاميين يصل بينهم الضجر بالرأي الآخر الى حد رفع السلاح في وجوه من يخالفونهم بالرأي، وكذلك نرى بعض العلمانيين ما ان يروا معارضا لرأيهم، وخاصة اذا كان من الاسلاميين نعتوه بكل ما يملكون في قاموس السب والشتيمة، وقليل من هؤلاء وهؤلاء من يتحمل الرأي الآخر ويحترمه.
انها قضية أخلاقية «لا علاقة لها باليسار أو اليمين، ولا بالاسلاميين أو العلمانيين»، كما أن قبول الرأي الآخر سمة للمجتمعات المتقدمة، والضيق بالرأي الآخر سمة للتخلف والتأخر، من أي جهة جاء. ولهذا فقد قعد علماء الاسلام قواعد الانكار، والتي من أبرزها «لا انكار على مخلتف فيه» حيث يقول ابن قدامة في الحلية «ويشترط في انكار المنكر أن يكون معلوما كونه منكرا بغير اجتهاد، فكل ما هو في محل الاجتهاد، فلا حسبة فيه».. ويقول الامام سفيان الثوري «اذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي اختلف فيه وأنت ترى غيره فلا تنهه».. ويقول الامام النووي في الروضة «ان العلماء انما ينكرون ما أجمع على انكاره، أما المختلف فيه فلا انكار فيه، لان كل مجتهد مصيب، أو المصيب واحد لا نعلمه، ولم يزل الخلاف بين الصحابة والتابعين في الفروع ولا ينكر أحد على غيره وانما ينكرون ما خالف نصا أو اجماعا أو قياسا جليا».
هكذا فهم أسلافنا للإسلام، فهل نتعلم منهم فن الاختلاف؟!
al-belali@ hotmail.com