يروى عن أحد كبار البعثيين في بداية حكمهم في العراق، أنه ولد له ولد، واسماه «لهب» وأراد أن يربيه تربية تتلاءم مع اسمه، ولكي يكنى بأبي لهب، فما ترك وسيلة من وسائل الشيطان إلا واستخدمها مع ابنه لغوايته وتنشئته تنشئة شيطانية، ولكن الولد ما ان عرف كيف يميز بين الخير والشر، والصواب والخطأ، وقبل سن البلوغ، أصبح محبا للمسجد، ومن مرتاديه، وقد تعلق قلبه فيه أيما تعلق، فجن جنون ذلك البعثي الحاقد «أبو لهب» كيف يهتدي وقد أراده أن ينحرف. هدده فلم ينفع، ضربه فلم ينفع، رعبه، فزاد إيمانا، ثم خطرت بباله فكرة سهلة للانحراف، ولقد قرر إرساله إلى بريطانيا بمفرده، ليكمل الثانوية العامة هناك، أرسله على أمل أن ينحرف، ولكن «لهب» ما ان وصل إلى أرض الضباب حتى بدأ بالبحث عمن يماثله بالصلاح، حتى تعرف على مجموعة من الشباب الصالح، وعن طريقهم تعلم الدين، ومزيدا من الأخلاق، وتعمق بفهم الدين أكثر من ذي قبل، وكانت بريطانيا سببا هاما بمعرفته العميقة بالدين وشموليته، وعلى معرفة باطل أبيه وما يعتقد من عقيدة باطلة، فراسل أباه وملأ الرسالة بالنصائح المصحوبة بالشفقة.
ما ان أستلم الأب الرسالة حتى زاد جنونه، وخاف أن يكتشف أمر ولده وتكون الفضيحة بين كوادر الحزب، فقرر الذهاب له إلى بريطانيا حتى يثنيه عما سلكه من طرق الحق، واستقبل لهب أباه، وتعالى الصياح، وهاج الأب وماج في جدال ساخن حتى رضخ الوالد لولده واقتنع بما يقول، وقرر التوبة على يد ابنه، كما قرر الهجرة من بلد الظلم إلى حيث يمارس العبادة لله دون اتهام.
هذه قصة حقيقية تواترت، وكتبت في بعض كتب التاريخ الحديث، نسوقها لأولئك الآباء الذين يظنون أنهم يملكون الغواية لأبنائهم، فيصرون ويتوعدون أبناءهم وبناتهم بعدم الهداية أو ارتداء الحجاب أو النقاب، وما دروا أن هذا ليس بأيديهم، وأن هذا خاص برب السموات والأرض (يضل من يشاء ويهدى من يشاء) وليتذكر هؤلاء الآباء والأمهات الذين يصرون على ضلال وإضلال أبنائهم وبناتهم أن الله تعالى أخرج إبراهيم عليه السلام من صلب رجل كان يصنع الأصنام، كما أخرج من بيت فرعون زوجته المؤمنة، وندعوكم إلى التوبة إلى الله والرجوع إليه فإنها طريق السعادة في الدنيا والآخرة، ولا تضيعوا أوقاتكم بحرب الله، وبإطفاء نوره (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون).
وهل يمكن أن تغطى الشمس بغربال؟!
al-belali@ hotmail.com
www. albelali.com