عشرات الرايات ترفع هذه الايام، كل يدعي الكمال، وكل يدعي الوطنية، وكل يدعي الدفاع عن الوطن والمواطن، وكل يدعي المطالبة بحقوق المواطن، وسترى الجميع يرحبون بك، بل ويبالغ في هذا الترحيب، وسترى الابتسامة لا تغادر وجوه الجميع، وسترى اجمل الاخلاق هذه الايام، كل قد رمى خيطه في بحر المواطنين، والشاطر من يصطاد عددا أكبر من المواطنين.
ولكن السؤال: مَن من هؤلاء نريد؟ وللاجابة عن هذا السؤال لابد من استعراض انماط النواب الذين مروا على المجلس طوال الفترة الماضية، فقد مرت معنا انماط مختلفة من هؤلاء النواب، منهم من يلزم الصمت حتى نهاية فترة الانعقاد، حيث يرفع شعار «اذا كان الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب» حتى ينسى المواطن صورته، او اذا كان حيا او ميتا.
ومنهم على النقيض الذي يرفع صوته الى اعلى درجات النبرة الصوتية حتى ينبح صوته وحنجرته، حيث يمثل المعارض الشرس ضد الحكومة، ولا يحب اجواء الهدوء والتفاهم بين السلطتين، بل دائما يفتعل الازمات، لأن الاضواء لا تسلط عليه الا اذا ظهر صوته، وعلت نبرته، وهذا لا يحدث الا عند الازمات. ومنهم البصامون، وهم فئة من النواب يشترون ود الحكومة بالخير والشر، فهم على توافق دائم مع الحكومة في كل ما تطرحه من مشاريع وآراء.
ومنهم فئة «مع الخيل يا شقرا»، فليست لهم وجهة معينة، بل هم مع الغالب، ومع التوجه العام للمجلس او الشعب، حتى ولو على خطأ، فهؤلاء تارة تراهم مع اقصى اليمين وتارة تراهم مع اقصى اليسار، يدورون حيث تدور مصالحهم الشخصية.
ومنهم من يعمل بصمت، مراعيا حق الله، وحق الوطن والمواطن، ويقدم على الدوام المشاريع النافعة، يمثل دور المعارضة في الامور التي يراها تتعارض مع مصلحة المواطن، فهو يدور مع الحق حيث دار، وإن خسر الناس جميعا، وهؤلاء هم اقل الفئات من النواب، لكن التاريخ يخبرنا انهم موجودون دائما في كل مجلس، هؤلاء هم وحدهم الذين يستحقون الدعم والمساندة وهؤلاء هم من نريد من النواب.
[email protected]