هناك أكثر من تعريف للحوكمة ولكن اخترت الأنسب والأوضح وهو ان الحوكمة هي مجموعة من القوانين والنظم والقرارات التي تهدف إلى تحقيق الجودة والتميز في الأداء عن طريق اختيار الأساليب المناسبة والفاعلة لتحقيق خطط وأهداف جهة العمل سواء قطاع عام أو خاص. ويطبق بالقطاع الخاص عن هيئة أسواق المال للشركات المسجلة في أسواق المال المحلية والعالمية - الهدف منه الشفافية بجميع تفاصيلها للموظفين ولحملة الاسهم والمساهمين الكبار والصغار - الهدف زيادة المصداقية لدى الشركات وأهميتها لقطاع المشاريع بزيادة الشفافية لمدى ربحية او خسارة المشاريع وكيفية تعامل الشركة مع القروض التي تستعين بها في مشاريعها.
ويهمنا هنا الحوكمة في القطاع العام يعني في الجهات الحكومية وتعرف الحوكمة في القطاع العام بأنها مجموعة التشريعات والقوانين والقرارات والسياسات والهياكل التنظيمية والإجراءات والضوابط التي تؤثر وتشكل الطريقة التي توجه وتدير الجهات الحكومية لتحقيق أهدافها بأسلوب مهني وأخلاقي بكل نزاهة وشفافية وفق آليات للمتابعة والتقييم ونظام صارم للمساءلة لضمان كفاءة وفاعلية الأداء من جانب، وتوفير الخدمات الحكومية بعدالة من جانب آخر. وعرفته الأوساط العلمية بانه الحكم الرشيد الذي يتم تطبيقه عبر حزمة من القوانين والقواعد التي تؤدي إلى الشفافية وتطبيق القانون.
وأهداف الحوكمة الأداء الجيد في إدارة العمل والمشاريع وتقديم الخدمات بكفاءة وفاعلية واتخاذ القرارات والإجراءات الإدارية وفقا للتشريعات النافذة بحيث تلبي توقعات الأطراف ذات العلاقة من الشفافية والنزاهة والمساءلة.
وكذلك زيادة نسبة رضا المواطن عن الخدمات التي يقدمها القطاع العام. وتحقيق مبدأ المحاسبة والمساءلة للدوائر الحكومية وموظفيها والالتزام بالقوانين والأنظمة. تحقيق مبدأ النزاهة والعدل والشفافية في استخدام السلطة وإدارة المال العام وموارد الدولة، والحد من استغلال السلطة العامة لأغراض خاصة. وتحقيق تكافؤ الفرص بين المواطنين. وتحقيق الحماية اللازمة للملكية العامة مع مراعاة مصالح الأطراف ذات العلاقة. والعمل على تحقيق الأهداف الوطنية الاستراتيجية وتحقيق الاستقرار المالي للدوائر الحكومية.
ورفع مستوى قدرات الدوائر الحكومية من خلال تعزيز وتطوير الأداء المؤسسي عن طريق المتابعة والتقييم بشكل مستمر. وإنشاء أنظمة فاعلة لإدارة مخاطر العمل المؤسسي وتخفيف آثار المخاطر والأزمات المالية.
الجهاز الحكومي في الكويت لديه هيئات ومؤسسات وإدارات حكومية اختصاصها المراقبة والمتابعة والتدقيق على أداء الأجهزة الحكومية من شؤون مالية وإدارية واتخاذ القرارات وإدارة المشاريع مثل ديوان الخدمة المدنية في شؤون التوظيف وديوان المحاسبة في شؤون المالية والإدارية وجهاز متابعة أداء الحكومة لمراقبة المشاريع الحكومية وجهاز المراقبين الماليين في الشؤون المالية والهيئة العامة لمكافحة الفساد لتطبيق مبدأ الشفافية والنزاهة في المعاملات المالية والإدارية والتحقيق ومحاسبة الفاسدين.
هل هذه الهيئات والمؤسسات الحكومية نجحت في السيطرة والقضاء على سرقة المال العام والرشوة والتجاوزات والاستثناءات في القوانين والقرارات المالية والإدارية؟
أعتقد لا والبرهان على ذلك استمرار السرقات والتجاوزات والرشوات في الأجهزة الحكومية وبشكل كبير وصلت لملايين الدنانير سنويا وعند اكتشاف من سرق وتجاوز من المسؤولين والقياديين والموظفين في الحكومة وتمت إحالتهم الى القضاء، هل تم استرداد ما سرقوا؟ وماذا عن الهاربين خارج الكويت ممن سرقوا ونهبوا المال العام وأموال المتقاعدين؟ لماذا مازالوا خارج الكويت؟ ولماذا لم تسترد الكويت المال المسروق منهم؟ وهذه كلها علامات استفهام تحتاج الى إجابة عنها ويسمعها الشعب الكويتي، وهل تم تعويض المتضررين الموظفين الكويتيين من قرارات عشوائية وشخصية في حياتهم الوظيفية؟
إذن، كيف يمكن أن تطبق الحكومة نظاما أو قانونا أو قرارا بالحوكمة في حين فشلت أجهزتها الرقابية في القضاء على الفساد والمفسدين في سرقة المال العام والتجاوزات المالية والإدارية والمخالفات والتي أقرت الحكومة بوجودها ضمن تقارير هذه الأجهزة الرقابية وخاصة ان ديوان المحاسبة مستمر بتضمين تقاريره وجود هذه المخالفات المالية والإدارية فبعضها مستمر سنويا وبعضها جديد وهذا يعني شيئا واحدا ان هناك فاسدين في الحكومة متعاونين مع جهات خارج الحكومة وشخصيات لها نفوذها وسيطرتها وحتى اذا تم التحقيق مع من داخل الحكومة وإحالتهم الى النيابة يأتي غيرهم لأن المشكلة مع من يساعدهم ويقف وراءهم من خارج الحكومة. وهنا أنصح الحكومة الجديدة اذا أرادت القضاء على الفساد والمفسدين من داخل الحكومة أو على الأقل البدء في تقليل الإضرار بالمال العام وبالموظفين عليها السيطرة ووقف المفسدين من خارجها، مع تمنياتنا بالتوفيق للحكومة الجديدة.
[email protected]