أي بلد يريد أن يستمر ويرقى ويستفيد من موارده الطبيعية والصناعية والجغرافية لتصبح رافدا اقتصاديا وماليا له في تلبية وتطوير ما يقدمه من خدمات سكنية وصحية وتعليمية وأمنية، ويساهم في مشاريع البنية التحتية ويصدر ما لديه من موارد ويستورد احتياجاته ويكون لديه ميزانية تحرك فيه إيراداته ليغطي مصروفاته وخاصة الرواتب والبنود الأساسية لتحريك واستمرار الخدمات الذي يقدمه ومشاريع ينفذها. كل هذا لايتم الا اذا اهتمت الدولة بالاستثمار البشري الوطني، وذلك بالاهتمام بالتعليم وحصولهم على مؤهلاتهم والتنمية البشرية في بناء مهاراتهم ووضع خطط لتوظيفها في مكانها وتقوم هذه الموارد البشرية بدورها لبناء وطنها وتطويره ليكون مردودا لهم وللاجيال القادمة وطبعا اهتمام الدولة بالمواطنين له أكثر من طريق حتى تصل الى هدفها.
لدينا في دولتنا الكويت الحبيبة من الكفاءات والخبرات الوطنية المؤهلة لتقوم بدورها في بناء الانسان الكويتي وتطوير الجهاز الحكومي حتى يقوم بدوره ويحقق أهدافه وطبعا بداية تنمية وتطوير الكفاءات الوطنية تبدأ من التعليم فإذا كان النظام التعليمي مواكباً لكل مستجد والتجارب الناجحة في البلدان الأخرى، بحيث تكون هنالك مرونة في وسائل وطرق التدريس وتطوير مناهجها لتكون أساسا في تحفيز وتشجيع الطلاب للقبول على التعليم والاستمرار فيه حتى يتخرج من الجامعة او الكلية حسب التخصص الدراسي المطلوب لسوق العمل ويجد الفرص الوظيفة متاحة له وتبدأ جهات العمل في خطة تدريب وتأهيل حديثي التعيين ليتمكنوا من أداء عملهم بأحسن ما يمكن ويحققوا نشاط واعمال واهداف جهة عملهم، بهذا نجحنا في الاستثمار البشري.
رأينا المواطنين ونحن في هذا البلاء- فيروس كورونا- احتياج البلد لهم في القطاعين الصحي والأمني وغيرهما من القطاعات الحكومية وهناك من تطوع للمساعدة بأي عمل وظهرت الحاجة الحقيقية لهم واتضحت للحكومة ومجلس الامة بأن المواطن هو الأساس في بناء وطنه وأمنه والمحافظة عليه اذا تم غرس حبه وولائه لوطنه منذ الصغر بتربية وسلوكيات اسرية بالتقاليد والعادات والنشأة الإسلامية وكسب لقمة عيشه له واسرته بالحلال وليس بالفساد والرشوة وسرقة المال العام.
ولذلك اقترح على الحكومة بأن تؤسس مجلساً استشارياً حراً من الكفاءات الوطنية وخاصة المتقاعدين الكويتيين الذين لديهم مؤهل وخبرة تفيد في مجال الموارد البشرية التي تقوم بتقديم الاستشارة والدراسة لرئيس الوزراء، وتتعلق بإعادة هيكلة الجهاز الحكومي بما يحقق كفاءة إجراءات العمل والأداء ووضع هيكل تنظيمي يحل مشاكل التوظيف وشغل الوظائف للقياديين وتشابك الاختصاصات وتقليص الكثير من الأجهزة الحكومية من هيئات ومؤسسات التي ضخمت الجهاز الحكومي وميزانية الرواتب وتحقق العدالة بتوزيعها وتضع مقترحاً للصلاحيات الإدارية والمالية للمسؤولين، بحيث لا يتم استغلالها وتقلل من الفساد المالي والإداري وتضع أولويات للتنمية البشرية للكويتيين وخططاً للحاجة الفعلية من التخصصات الدراسية التي تحل مشكلة مخرجات التعليم وتضع خططاً لتدريب وتأهيل الشباب الكويتي وفوق هذا تقدم مقترحاً بالتركيبة السكانية التي تحل الكثير من المشاكل التي ظهرت حاليا، ويكون هذا المجلس مسؤولاً تجاه رئيس الوزراء وليس للوزراء وأعضاء مجلس الامة أو غيرهم مسؤولية أو تدخل بعمل المجلس ويتم اختيار اعضائه من جهة شعبية محايدة سواء من رجالات الكويت المشهود لهم بالأمانة وحبهم لوطنهم وتغلبهم المصلحة العامة على الخاصة ومن التجمع الوطني للمتقاعدين وجمعية المتقاعدين الكويتية وبموافقة رئيس الوزراء وتكون دورتهم اربع سنوات ويتم التجديد لهم لمن اثبت مساهمته وتقديمه استشارات ودراسات أفادت الوطن والمواطن وتم قبولها وتطبيقها.
وهنا يجب على الحكومة عدم الاستعانة بأي جهة استشارية اجنبية سواء محلية أو دولية لعمل من اختصاص المجلس الاستشاري، واعتقد اذا الحكومة تريد كويت جديدة ونظيفة ومتماسكة بعد الانتهاء من فيروس كورونا عليها التفكير الجدي بهذا المجلس الاستشاري.
[email protected]
الدكتور عبدالله فهد العبدالجادر
مستشار اقتصاد وإدارة