تمر الكويت هذه الأيام بمنعطف خطير.. فالسكيك أمامنا بكل صراحة مظلمة سيطر فيها الفساد المالي والإداري.. وأصبحت السكيك في الوزارات بتفريعاتها مخيفة «فساد ما تشيله البعارين» كما صرح سابقا سمو أمير البلاد، حفظه الله.. وحتى الآن لم نشهد محاسبة للفاسدين.. ولا ردعا لمن استباحوا أموال هذه البلاد وأرزاق العباد.. إنها حالة من عدم التفاؤل سادت وتسود خصوصا بعد إعلان تشكيل الحكومة الجديدة.
لكن.. ورغم حالة عدم التفاؤل التي تعتري معظم أبناء الكويت من هذه الحكومة كسابقاتها إلا أنني أرى شعاع أمل يلوح في الأفق البعيد بتولي الشيخ ناصر صباح الأحمد حقيبة وزارة الدفاع بالإضافة إلى كونه نائبا أول لرئيس مجلس الوزراء وذلك نظرا لنشاط الشيخ ناصر قبل توليه حقيبة الوزارة ولكونه يحمل رؤية للنهضة والتطور جاءت في تصريحات سابقة له.
صحيح أن الشيخ ناصر لم يتول من قبل حقيبة وزارية فعلية بالمعنى المتعارف عليه ولها احتكاك مباشر بالجمهور ومجلس الأمة، ولا يمكن أن نتنبأ بشكل كامل بأدائه داخل الوزارة وما يمكن أن يقوم به وما سيدخله من تعديل وتطوير سواء في الوزارة التي يتولى حقيبتها أو في أداء الحكومة بالجملة كونه نائبا أول لرئيس الوزراء.. لكن السيرة الذاتية للشيخ ناصر ورؤيته التي عبر عنها في أكثر من محفل تجعلنا نتفاءل بهذا الرجل الذي كان دخوله للوزارة أهم ما جاء في التشكيل الوزاري الأخير.
الشيخ ناصر صباح الأحمد لديه من المؤهلات ما يجعلنا نتفاءل به فهو من تربى وترعرع في مدرسة الديموقراطية وفي بيت حكم مشهود له، حيث إنه الابن الأكبر لسمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، أبو الديبلوماسية العربية، وقد عايش الكثير من المواقف والأحداث عن قرب وشاهد بنفسه كيف تدار الأزمات وكيف تحقق النجاحات على المستويين المحلي والدولي أيضا.
الشيخ ناصر يحسب له أيضا أنه قضى طفولته في بيت حكم أبو الدستور الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم الذي أسس للدولة الحديثة ومن بنى نهضتها أي أنه عايش أيضا عن قرب ما يدور وما يحدث وكيف تحقق النجاحات وكيف يمكن تأسيس الدولة على المبادئ وعلى القيم وعلى احترام الجميع للجميع وأن الناس سواسية.
الشيخ ناصر صباح الأحمد ابن لمدرستين بارزتين في تاريخ الكويت مدرسة الديبلوماسية ومدرسة الدستور وهما من أهم المدارس داخليا وخارجيا، وبهذا يمكن أن نعتبر الشيخ ناصر هو السراي الذي يمكن أن يضيء السكيك المظلمة التي تتعثر فيها غالبا الحكومات المتعاقبة في السنوات الأخيرة.
هناك قضايا كثيرة ومزمنة تنتظر الشيخ ناصر ليقف لها إلى جوار سمو رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك، كالفساد وغيره، ولكن ربما القضية الأهم حاليا والتي على الشيخ ناصر النظر إليها بعناية هي قضية حبس عدد كبير من أبناء الكويت بتهمة دخول مجلس الأمة وما يطرح من طلب العفو العام عن هؤلاء وبداية صفحة جديدة بين الجميع.
العفو العام مهمة أعتقد لن تكون صعبة على الشيخ ناصر صباح الأحمد بحكم منصبه وبحكم قربه الشديد من صاحب القرار بهذا الشأن، وربما يكون الأقرب في تحقيق العفو العام هو الشيخ ناصر الذي نأمل أن يكون السراي في السكيك المظلمة في كل الأمور المعقدة والمعلقة.
في النهاية، نأمل للحكومة الجديدة التوفيق والنجاح والسداد وألا تكون نهايتها قريبة وأن تستمر لفترة معقولة لا أن تكون نهايتها كما هو معتاد خلال عام أو عام ونصف العام على أكثر تقدير كما حدث مع الحكومات الأخيرة.
[email protected]