إن الابتكارات في عالم التكنولوجيا تسابق الزمن، ومن لا يكون جاهزا لمواكبة التطورات الجديدة فسيخسر ويفوته قطار المعرفة، وحديثنا اليوم سيكون عن التطور المذهل الذي حدث خلال الأربعة عقود الماضية لتكنولوجيا الاتصالات المتنقلة، وسأحاول قدر الإمكان الابتعاد عن استخدام المصطلحات الفنية لتسهيل استيعاب الموضوع.
وباستعراض تاريخي مختصر نلاحظ أن هناك طفرة في عالم الاتصالات تحدث كل عشر سنوات تقريبا، فمع بداية عام 1980 بدأ التعامل مع الجيل الأول لتكنولوجيا الاتصالات المتنقلة وتسمى اختصارا (1st G) وهي ترجمة لـ (First Generation)، حيث كان المتصل يستطيع نقل صوته فقط على النظام التماثلي (Analogue) في الهواتف البدائية، ثم تطورت التقنية عام 1991 للجيل الثاني (2G)، حيث أصبح المستخدم يستطيع إرسال صوته مع إمكانية إرسال رسالة نصية مكتوبة على (SMS) على النظام الرقمي (Digital) وهنا بدأ استخدام نظام المناداة (البيجر)، وبعدها بـ 5 سنوات تقريبا تم استحداث جيل ثان متطور سمي (2. 5 G) وبعدها بسنتين استحدث (2.75 G)، حيث أصبح بالإمكان وإضافة إلى ما سبق إرسال الصور، وفي عام 2001 حدثت طفرة كبيرة عندما استحدث الجيل الثالث المتطور (3G)، حيث أصبح بالإمكان الدخول إلى الإنترنت والمواقع والبريد الإلكتروني ونقل المعلومات عبر الهاتف، وفي عام 2011 ظهر الجيل الرابع (4G) أو (LTE) حيث حدثت قفزة نوعية في مجال الاتصالات، وأصبح بالإمكان إرسال مقاطع فيديو وإجراء محادثات وإجراء اجتماعات عن طريق الفيديو والتعامل مع الخرائط التفاعلية (GPS) وغيرها.
إن الموجات اللاسلكية المستخدمة في جميع الأجيال الثالثة والرابعة للهواتف المتنقلة تدخل في نطاق الموجات المتناهية الصغر أو ما يعرف بموجات المايكروويف وهي نفس نطاق الموجات المستخدمة في أفران الطبخ المنزلية ولكن طاقة البث المستخدمة للهواتف أو لمحطات الإرسال متدنية جدا وبطاقة أقل بكثير من الأفران، ولذلك تعتبر نوعا ما آمنة على خلايا الجسم البشري والحيواني، وإذا ما استخدمت في نطاقها الصحيح لا تؤثر على صحة الإنسان أو تسبب له أي نوع من الأمراض.
وعلى صعيد التأثير على صحة الإنسان من خطورة الإشعاعات الصادرة من أبراج الاتصالات للهواتف المتنقلة، حددت الهيئة الدولية للوقاية من الإشعاع (ICNIRP) مقدار كثافة القدرة الموجية 450 والتي تقاس بوحدة الميكرو وات لكل سنتيمتر مربع، واعتبرتها مستوى آمنا للبشر والحيوانات، وتعتبر الكويت من مصاف دول العالم المتقدمة التي رفعت مستوى الأمان بأكثر45 مرة من المستوى المعتمد عالميا واعتمدت مستوى إشعاع آمن جدا على الإنسان والحيوان يعادل 10 ميكرووات لكل سنتيمتر مربع، بينما ما تم اعتماده في الولايات المتحدة بمستوى 200 وفرنسا 450 ميكرو وات لكل سنتيمتر مربع.
وتقوم إدارة الوقاية من الإشعاع بوزارة الصحة وبشكل دوري بقياس مستويات الأشعة المنبعثة من الهوائيات للتأكد من أنها تبث في الحدود الآمنة المعتمدة في الكويت.
وأصبح هذا النطاق (4G) لا يمكنه أن يستوعب العدد المتزايد من المشتركين مما سيؤدي إلى بطء في سرعة نقل المعلومات وكان لابد من تطويره ففي عام 2019 تم تشغيل الجيل الخامس (5G) والذي أحدث طفرة نوعية غير مسبوقة في عالم الاتصالات، فهو أسرع من الجيل الرابع (4G) بأكثر من عشرين ضعفا، فتم فتح النطاق الترددي للجيل الخامس من 6-300 GHz وهي موجات لم يسبق استخدامها من قبل وتسمى الموجات الملليمترية (Millimeter Wave (والتي تتميز بسرعه عالية جدا وسعة هائلة غير مسبوقة لنقل المعلومات ويمكنها استيعاب عدد غير محدود من المشتركين، وفي المقال القادم إن شاء الله سأحدثكم بشكل أوسع عن فوائد واستخدامات الجيل الخامس وهل هناك مخاطر من استخدامه؟ وللحديث بقية.