إن التخبط والفوضى العارمة التي تعيشها الحكومة بسبب أزمة فيروس كورونا سببها عدم وجود خطط مدروسة، وعدم اكتراث الحكومة بما يقدم لها من نصائح لإنشاء مركز لإدارة الأزمات، وذكرت في مقالات سابقة أنه من الطرق المثالية في التخطيط الجيد والمدروس لاتخاذ الإجراءات الصحيحة لمواجهة أي أزمة هي وضع الخطط اللازمة، وتكوين قاعدة بيانات لإدارة الأزمات بجميع أشكالها، ويجب أن نتوقع الأزمة قبل حدوثها ونضع أسوأ الاحتمالات والتجهيز لوضع الحلول الشاملة بشكل مسبق، ويجب أن يتم ذلك في وقت السلم والهدوء وقبل حدوث الأزمة، لأن اتخاذ القرارات من قبل المسؤولين على كل مستوياتهم أثناء حدوث الأزمة عادة ما يشوب نتائجها التخبط، وعدم التركيز وتفقدهم التحكم بزمام الأمور بسبب عدم قدرتهم على السيطرة على المشكلة بسبب تصاعد الأحداث والتي قد ينتج عنها خسائر فادحة مادية وبشرية، وفوضى وتزاحم بين المواطنين يؤدي إلى شلل في تفكير المخططين وأصحاب القرار، مما يساهم في تفاقم الأزمة وإخراجها عن نطاق السيطرة، وهذا فعلا ما يحدث بالضبط الآن ويتمثل فيما تتخذه الحكومة من تخبط في اتخاذ القرار، فتارة يسمحون بدخول المسافرين من دول موبوءة، وتارة أخرى يمنعونهم، يدخلون من سمح لهم بالدخول في محاجر صحية غير مؤهلة لا صحيا ولا إداريا أو لوجيستيا.
المواطنون فقدوا الثقة في الإجراءات الحكومية بسبب هذه التصرفات والتي تنم عن عدم الاحترافية وعدم الأهلية لاتخاذ القرار المناسب، مرة أخرى نرجئ السبب الرئيسي في هذه الفوضى وعدم الجاهزية إلى عدم وجود مركز أو هيئة لإدارة الأزمات يخطط لمواجهة مثل هذه المشاكل.
الفيروس تفشى وانتشر في معظم دول العالم كالنار في الهشيم، والمشكلة التي حذرت منها مسبقا وسنواجهها قريبا لو استمر انتشار الفيروس وتحول إلى وباء فستحل بنا كوارث غير محسوب لها أي حساب، الكويت وبجميع قطاعاتها ركزت كل جهودها على كيفية مكافحة المرض وغفلت عن معالجة التداعيات والمشاكل الكبيرة التي ستخلفها أزمة كورونا، والتي بدأت بوادرها تلقي بظلالها منذ فترة بسيطة، دعونا نترك المكافحة لأصحاب الاختصاص وزارة الصحة والجهات المعنية معها، ولنركز جهود الحكومة وأعضاء مجلس الأمة على دراسة العواقب المترتبة على تداعيات هذا المرض ووضع الخطط اللازمة من الآن لمواجهتها.
توقع خبراء أن يتكبد الاقتصاد العالمي خسائر تفوق 160 مليار دولار بسبب فيروس كورونا، لتصبح بذلك أكبر خسارة يسببها وباء في العصر الحديث، وهي تتجاوز بواقع 4 أضعاف ما سببه فيروس «سارس» الذي اجتاح الصين سنة 2003.
الصين هي مصنع العالم، حيث إنها تصدر 12.5% من صادراتها إلى العالم، وفي ظل الظروف الراهنة توقفت فعلا معظم المصانع الكبرى عن العمل، وشملت قطاعات واسعة منها السيارات والأجهزة الكهربائية والإلكترونية والمعدات الصناعية والإنشائية، وهذا يشمل أكبر الماركات العالمية الأميركية والأوروبية والتي لها مصانع في الصين، وستكون لها تداعيات سلبية كبيرة في جميع أنحاء العالم، فهل عملنا بحثا ميدانيا عالميا للبحث عن توفير البدائل في حال استمرار تفاقم هذه الأزمة؟
البورصات العالمية بدأت تسجل خسائر قياسية بمليارات الدولارات، فهل اجتمعت أي جهة معنية لدراسة ورسم السيناريوهات لتفادي المزيد من الخسائر في حال استمرار الأزمة؟
أسعار البترول بدأت تتهاوى رغم تخفيضات الإنتاج التي قامت بها أوپيك، فما تأثير هذا الانخفاض على اقتصادنا، نريد الحكومة أن تبصر الشعب بمثل هذه الأمور عن طريق التوعية الإعلامية، مستعينين بأصــحاب الخبرة في هذا المجال، ما مصير اقتصادنا وأمننا الغذائي والصحي؟ وإلى أين نـحن سائرون؟
[email protected]