تكونت مجموعة الأغلبية النيابية بعد انتهاء انتخابات 2012، وقد اجتمعت هذه الأغلبية على أولويات معلنة تمثلت في إقرار قوانين إصلاحية مهمة مثل قوانين الفساد وتضارب المصالح وحماية المبلغ وانشاء هيئة عامة لمكافحة الفساد، وما شاكلها، وكذلك قوانين إصلاح وتطوير القضاء، إضافة الى قوانين الإصلاح الإداري خاصة فيما يتعلق بتغيير القياديين، وكذلك قوانين الإصلاح الاقتصادي وقوانين أخرى مهمة مثل قانون المناقصات وقانون المشروعات الصغيرة وقانون الشركات التجارية وقانون الوكالات وغيرها كثير من أولويات تشريعية من شأنها إصلاح الكثير من الأوضاع المترهلة وانتشال البلد من حال الجمود والخمول والفساد الذي ضرب باطنابه في نواح كثيرة من مؤسساتنا الحكومية للأسف.
وقد كان من دواعي انشاء هذه الأغلبية، مكافحة الفساد والمفسدين وكشفهم ومحاسبتهم وقد تمثل ذلك في إنشاء لجان تحقيق في الإيداعات والتحويلات وتهريب الديزل وعقد «شل» وقضايا مهمة هزت المجتمع الكويتي في الآونة الأخيرة تصدت لها مجموعة الأغلبية بقوة وحزم.
لقد كرست مجموعة الأغلبية مبدأ احترام الأدوات الدستورية وخاصة الاستجواب حيث أعادت الأغلبية لهذه الأداة قيمتها بعد ان اجهضتها اغلبية مجلس 2009 وحكومة الفساد السابقة بالشطب والتأجيل والتحويل والسرية، كما رسخت الأغلبية مفهوم العمل الدؤوب المتواصل عندما اقرت ثلاث جلسات بدل اثنتين اضافة الى الجلسات الخاصة التي عقدت وأقرت وناقشت الكثير من المواضيع المهمة.
ولكن هذه الكتلة تواجه منذ تشكيلها هجوما عنيفا سواء من اقطاب مبعدة او أطراف خاسرة في الانتخابات او مجموعات الفساد والمتنفذين لاعتقادهم الجازم انه باستمرار مثل هذه الأغلبية سيتحطم الكثير من طموحاتهم وآمالهم في السيطرة على مقدرات وأموال الشعب الكويتي.
كذلك لم تسلم الاغلبية من نيران صديقة هذه الأيام خاصة عندما تم الإعلان ان الكتلة ستنزل الانتخابات المقبلة متضامنة، حيث يرى البعض ان هذا الإعلان بمثابة تفويت فرص نجاحه فراح يكيل الاتهامات والتجني على الكتلة زورا وبهتانا.
ان الأغلبية ليست حزبا سياسيا حتى نطالبه ببرنامج موحد متكامل لا خلاف عليه ولكن هي مجموعات نيابية هي أصلا مختلفة ولكنها اجتمعت على أولويات وقضايا مهمة ذكرناها في بداية المقال وستظل كذلك رغما عن الفاسدين والمتنفذين.
ان التحدي الذي يواجه مجموعة الاغلبية الان هو مواجهة العبث في الدوائر وقانون الانتخاب والذي يبين جليا سعي السلطة لتغيير القانون حتى يكون مفصلا لنجاح اغلبية تتوافق معها وتطبل للفساد والمتنفذين وحتى تقطع الطريق على تكوين اغلبية مماثلة في المجلس المقبل.
لذلك ستتحرك الأغلبية من الآن بسقف عال جدا لا لشيء إلا ان السلطة تمادت في التعسف واستخدام ادوات مخالفة للدستور والنظام لتصفية خصومها ولفرض أجندتها.
اعتقد ان السلطة بتماديها في ضرب الدستور والانقلاب عليه تشعل فتيل أزمة قادمة بين الجموع السياسية والشبابية لا نعلم عواقبها ومنتهاها، وإن على أهل الرأي والحكمة التدخل بإسداء النصح والمشورة لأصحاب القرار وعدم الوقوف متفرجين لان القادم من الأيام اراه لا يبشر بخير، لذا علينا الأخذ على أيدي المتنفذين والمطبلين ومستشاري السوء حتى نحفظ هذه البلاد من شر الفتن والأزمات.
[email protected]