نحن في موسم الشتاء، أي اننا نتوقع الأجواء الممطرة بين يوم وآخر، وكنا في الماضي نعيش تلك الأيام الماطرة بسعادة بالغة لما ستسفر عنه تلك الأمطار من ملء السدود والبرجة المنزلية بمياه المطر وترتوي الصحارى والبر بمياه المطر والتي يعقبها اخضرار هذه الصحارى وكانت تزدان تلك البراري (الصحارى) بأنواع وألوان الورود الأصفر والأحمر والبنفسجي وكنا نستمتع بهذه الصحارى التي تبدل شكلها بعد هطول الأمطار.
وتعالوا الآن لنرى كيف كان يستعد الأهالي لهطول الأمطار، حيث كان الأهالي يقومون بتنظيف البرك والمرازيم والأسطح وتوضع على المرازيم أهواز طرابيل لتتدفق من خلالها مياه الأمطار من الأسطح إلى البرجة لتجميع الأمطار لاستغلالها عند الحاجة وكانوا في الماضي أيضا كثيرا ما يتعرضون لخرير مياه المطر في أسطح المنازل وأذكر ما كان يفعله جدي، حيث يلجأ إلى خباز الفريج ليحصل على الرماد المتواجد في التنور لفرشها على أسطح المنازل لمعالجة الخرير في الأسطح.
وكان من سعادة الأطفال بهطول المطر أن يرددوا أهازيج شعبية خاصة بالمطر وأشهرها «طق يا مطر طق.. مرزامنا حديد».
ولم تكن هناك شبكة صرف عمومية، كنا نحن الشباب نتعاون مع رجالات الفريج لعمل مجاري في سكك الفريج إلى المجاري الخاصة بالأمطار.
حقيقة كانت حياة بسيطة ولكن كانت من أسعد الأيام يتجلى فيها التعاون بين الأهالي في كل ما يتعلق ببناء المجاري وتصليح المرازيم وتنظيف الأسطح والبرجة، وكنا نعمل ونحن سعداء لم نشعر بالملل أو أن نتذمر أو نشكو من التعب، نتمنى أن تعود تلك الأيام التي كان يسودها التعاون والعمل المشترك.
ومرت على الكويت سنوات الهدامة، حيث الأمطار الغزيرة التي تسببت في هدم الكثير من البيوت، كانت سنة الهدامة الأولى في عام 1934، وفي عام 1954 وفي عهد الشيخ عبدالله السالم كانت سنة الهدامة الثانية، وأذكر أن الكثير من البيوت تعرضت إلى خرير، مما دفع الأهالي إلى المدارس وبيوت الشامية التي كانت ضمن أول منطقة سكنية، وتبعتها بعد ذلك سنة الهدامة الثالثة، فقد تعرضت الكويت لسنوات الهدامة حيث تهدمت البيوت، ولم يشك أحد من هطول الأمطار بغزارة بينما يشكو الناس هذه الأيام من أي أمطار غزيرة لأنها تسببت في إتلاف الشوارع والطرق وكثرة الحفر فيها، وكان ذلك في عام 2018 ومازلنا ننتظر بصبر أن تقوم وزارة الأشغال بإصلاح الشوارع والطرق.
يقول المولى عز وجل: (ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون).
والله الموفق.