كانت شوارعنا وطرقاتنا الضيقة ما كان يكسوها الأسفلت الأسود.. وكذلك بيوتنا من الطين ولم تكن من الأسمنت المسلح.. وهذه ميزة منحت صيفنا في السابق أجواء مقبولة ولم تكن ساخنة كهذه الأيام.. ومتى بدأ الصيف ارتدينا الوزرة «الازار» التي ما زال يرتديها أهل عمان.. وحتى ملابسنا كانت خفيفة «الدشداشة الململ»، هذه بعض الأمور التي ساعدت على تحمل حر الصيف سابقا، وكان اتجاهنا إلى البحر، حيث السواحل الرملية الجميلة ولم تكن شواطئنا ألواحا من الأسمنت وكنا مسرورين بهذه الأجواء ونحرص على علو البحر (المد) ونقول: إن المايه ثبر ونقول المايه طفوح أيضا، هذه بعض المسميات القديمة، حيث كنا نندفع تجاه السواحل البحرية لنمارس السباحة وهي الرياضة المحببة والوحيدة في ذاك الزمن.. وكنت مع أصدقائي نختار نقعة سعود والسواحل الممتدة من أمام بيوت المرزوق إلى اليسرة حيث المستشفى الأميركي، كذلك كنا نسبح في الساحل الواقع أمام قصر السيف (البنديرة) وسيف معرفي حيث موقع الحكيم السوري.. في الحقيقة كانت بحارا وسواحل جميلة نقضي معظم الصيف الحار في السباحة في تلك السواحل الحلوة.
ومن الأنشطة البحرية التي كنا نمارسها في الصيف في الزمن الجميل «الحداق» صيد السمك إما بالخيط أو المشخال.. وكنا أيضا نصطاد السمك في الحظور المتواجدة في البحر وخاصة في الشرق، ونضع لأنفسنا سفنا صغيرة من التنك «كوطي كاز» وكنا أيضا نمارس السباق في السباحة حيث كنا ننطلق من عند الفاتك في سيف المرزوق إلى اليال «الشاطئ».
هذه بعض الأشياء التي أتذكرها وكنا سعداء بممارستنا لهذه الأنشطة البحرية ولم نكن نشعر بما نشعر به اليوم من حرارة تصل درجتها إلى 50 درجة.
وتذكرت أيضا من الأمور التي كنا نمارسها في الزمن الجميل كنا أحيانا نسبح في حمامات المساجد، حيث كنا نعبي «الكرو»- حوض صغير- بالماء البارد الذي كنا نزعبه (نسحبه بواسطة الدلو من جليب «بئر ارتوازي» الموجود بالمسجد) وكنا سعداء بهذه ولم نُصب بالملل والضجر والحرارة الشديدة التي نعاني منها في هذه الأيام.
لا شك بأنها ذكريات جميلة عن الصيف في الماضي فهي أيام جميلة في صيف الزمن الجميل.
من أغاني البحر لعبدالحميد السيد «حنين الموج»:
حنين الموج يشجيني
وضوح البدر يغريني
شراع الفلك يحديها
تبارك جل مجريها
أقضي ليلتي فيها
غريب الدار يا عيني
ما بين الغوص والدانة
مع السكان والكانة
والله الموفق.