صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، كان كريما في عفوه عن الطبطبائي والدوسري، وهو من المكارم الكثيرة التي تعودنا عليها من سموه، وقد جاء هذا العفو من منطلق أن أمير الإنسانية هو رب الأسرة الكويتية، فهو يشعر بأن كل كويتي هو ابن له، ولذلك جاء عفوه كتصرف من أب نحو أبنائه يريد أن يتحلوا بالأخلاق الحميدة، فهو لا يريد أن يعامله معاملة المجرمين، بل حرص أن يكون أبا لكل كويتي يعامله كابن من أبنائه. وأراد سموه أيضا أن يزرع في نفوس أبنائه الكويتيين ضرورة احترام القضاء، لأن القضاء هو الملجأ الأخير لكل مواطن يشعر بالظلم هذه هي أخلاق رب الأسرة الكويتية الذي لم يبخل بزيارة أبنائه في المسرات والأحزان يريد أن يحسسهم بأن رب الأسرة قريب منهم.
وها هو الطبطبائي والدوسري يتقدمان إلى سموه بالاعتذار وطلب العفو، وسموه لم يستعمل قوته ومقدرته في معاقبتهم، بل أراد أن يتمثلوا بشعور الأبوة التي يحملها سموه في قلبه نحو كل مواطن كويتي، ولو حاولنا إجراء مقارنة بين ما يحدث في الكويت ودول أخرى لوجدنا الفارق كبيرا، إذ لم يستعمل صاحب السمو الشدة والقسوة في محاسبة أبنائه عند الخطأ، بل أراد أن يعلمهم كيف تكون العلاقة بين الحاكم عندما يشعر بالأبوة ومسؤولياته تجاه أبنائه، ويريد أن يعود أبناءه على الخلق الطيب واحترام الحاكم الأب واحترام القوانين والامتثال للقضاء الكويتي الذي يتمتع بالنزاهة والعدالة.
وهذا العفو يعكس حرص صاحب السمو على معاملة شعبه بما جاء في ديننا الإسلامي الحنيف، حيث يقول المولى عز وجل (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)، وفي آية أخرى يقول المولى القدير الذي يحرص على أن يتمثل المسلمون بحسن الخلق قوله تعالى (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم).
وسموه يريد أن يستفيد من مواقف الخلفاء الراشدين، حيث عفا أبو بكر عمن حاول الإساءة للسيدة عائشة عنها وامتثل الصديق للآية الكريمة (وليعفوا وليصفحوا).
وفي مواقف أخرى للخليفة عمر بن الخطاب الذي كاد أن يوقع بعيينة بن حصن الذي خاطب أمير المؤمنين بعبارات شديدة، إلا أن الخليفة عمر تراجع عندما خاطبه بن حصن قائلا يا أمير المؤمنين إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم «خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين»..
بهذه الأخلاق عفا صاحب السمو رب الأسرة الكويتية عن ابنيه الطبطبائي والدوسري، وعاملهما كأبناء له. جزاك الله كل الخير يا أمير الإنسانية والعفو.. ونحمد الله أننا في وطن يسوده المحبة والتسامح بين جميع أفراد الأمة فلا كبير ولا صغير الكل أمام القانون متساوون والحمد لله.
آية كريمة (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين).
والله الموفق.