الأخ العزيز حمزة عباس، أخبرني ابني عبدالله بأنك كتبت مقالة وكان قد صورها في تلفونه ثم قرأها لي، وكان رد الفعل عندي في البداية انزعاجا وأسفا لأخ عزيز لم تخرج منه كلمات تظهر عما في داخله في السابق. وذكرني بكثير من الإخوان ممن هم في عمرنا تقريبا اتصلوا بي يشكون من حقيقة إبراز الجرح الذي يعانون منه بسبب يشابه ما ذكرته في مقالتك.
لا يا أخ حمزة، فما ذكرته في مقالتك هو حقيقة واقعة في الكويت مع الأسف الشديد الأمر الذي دعا إلى انصراف الناس الصادقين والمحبين عن العمل في خدمة الحكومة حيث انهم يعيشون يوميا بهذه الجروح التي ذكرتها ولكن مع الأسف الشديد لا حياة لمن تنادي، حيث إن اغلب الناس يمثلون هذا الواقع.
كان هؤلاء الرجال يهدفون في بداية حياتهم خدمة هذا الوطن ولم يكونوا يهتمون بالمراتب والمكانة التي يشغلونها باستحقاق. وكانوا يرون أن البلاد تستغل من قبل أناس لا هم لهم الا ما يكسبونه من المال، في مثل هذه المجتمعات هذا هو الذي يشعل البلاد.
إن ما يشكو منه كل شخص في الكويت يأتي تحت كلمة الفساد، لأن الفساد مع الأسف الشديد اصبح يحملونه بإهمالهم لبلدهم ويمس كل شيء في حياتنا.
فليس غريبا أن يصل تأثير الفساد ليمس حياة أمثالك وانت تعرف بطبيعة الحال أنها تهمة ليبرروا فيها فشلهم والاستمرار في إفساد هذا المجتمع دون رادع.
فيا أخ حمزة لقد آلمني كلامك كثيرا، والمؤسف ان ما ذكرته هو الحق، ولكن الفساد الذي انتشر في المجتمع يجعل أمثال ما اشتكيت منهم هم القاعدة المتبعة الآن في الكويت.
فكم تضيع حقوق أمثالك في هذا المجتمع الفاسد وانت بطبيعة الحال وأمثالك تستطيعون ان يغيروا مسيرة الحياة، فالطريق طويل يا اخ حمزة والعمل الصالح الحقيقي اصبح غائبا في المجتمع.
ولكن ما يعنيني ألا نستسلم وألا نفقد الآمال لأن الإنسان دون أمل في حياته يكون ضائعا ويرى كل شيء بصورة مؤلمة.
أخي حمزة: لقد أحسنت فيما قلت وكتبت، وهذا بطبيعة الحال هو من صفاتك.
فأنا أعرفك منذ الطفولة وأنت دائما الإنسان المسالم في هذه الحالة والذي يعمل دون كلام فأنت قد أبدعت في حياتك وقدمت كل شيء، فالنهج الاقتصادي الذي فرضته بإنسانيتك للبنك المركزي والذي اصبح أسلوب التعامل المالي تحت رقابة جيدة من قبل هذا البنك. وخيرا ما عمله المغفور له الشيخ جابر الأحمد برؤيته الثاقبة للمستقبل أن يكلف رجلا مثلك موثوقا به وبعطائه لبلده بتأسيس البنك المركزي. ان مساهمتك في كل مناسبة لتعديل مسيرة الاقتصاد قد افلحت كثيرا، ولكن مع الأسف الشديد فإن التيارات الفاسدة في البلد أضاعت من جهودك الكثير. واذكر في قضية المناخ وكان صوتك عاليا تصرخ لعل الناس يسمعونك، وكنت تقول دائما ان الصياح في مجتمع سيطر عليه المفسدون وكادوا ان يزعزوا اقتصاده كليا لا يجدي نفعا، ولكن بفضل الله سبحانه وتعالى قد أنقذنا من الكارثة الاقتصادية الكبيرة والا ما كانت تقوم لنا بعد ذلك قائمة.
هذا هو ما أخشاه في هذا البلد وكل ما نسمعه هذه الأيام عن التخطيط، كنا نشعر به اثناء توليتي وزارة التخطيط وكانت الخطة الأساسية في 1985 ـ 1989 والتي تتضمن اختراقات كثيرة وتوجهات امينة توصلنا إلى بر السلام لو اتبعناها، ولكن لسوء حظنا زارنا مجرم العراق داخل بلدنا لفترة سبعة اشهر كادت أن تخنق البلاد بما فيها من البشر، والآن وبعد سبعة وعشرين عاما عاد البشر يفكرون جدية في خطر التركيبة السكانية الحالية.
وهذا الأمر يحتاج الى حزم وجدية لعلنا نصل الى شاطئ الامان والخطة الصحيحة للمستقبل وخاصة ان اوضاعنا الاقتصادية تحتاج الى عمل جاد يشعر كل واحد بمسؤوليته تجاه وطنه.
ارجو الله ان يوفقنا فيما نعمل رغم تأخرنا اكثر من ثلاثين عاما كنا نتمكن لو عملنا بجد حسب الخطة التي عملناها وان نقضي على عامل الفساد في جميع حياتنا لأن كلمة الفساد كلمة كبيرة واذا دخل الفساد واستقر بنا، فهذا نهاية كل ما عملناه وعمله الآباء والأجداد لبناء هذا الوطن الحبيب.
فشكرا يا اخ حمزة لاسترجاعك مع ما مررت به اخيرا واطلعتنا على عامل الفساد والحسد والنكران الذي تعرضت له وعدم الوفاء للذين عملوا وبنوا هذا الوطن عسى الله ان يحمينا معك ويحمي أمثالك الذين ساهموا بجد وإخلاص وصدق في بناء هذا الوطن لان مصيرنا القادم مجهول.
فشكرا لك مرة أخرى لسرد هذا الواقع الأليم الذي شرحته، ولكن يا اخ حمزة هذه هي الحياة وعلينا ألا نيأس إذ لا يمكن ضرب قواعد الفساد الا بذكر مثل هذه الحوادث.
ولعل الحكومة تنتبه الى هذا الانذار الذي ذكرته في الحالة الأخيرة التي تعرضت لها. وعلى ذلك يجب ان نقول الواجب علينا جميعا الا نقبل بمثل هذا الفساد يتخلل اوصال حياتنا، وان شاء الله هو الحافظ ونحن شعب مؤمن علينا ان نحقق آمالنا ونقضي على كل فساد والله هو الموفق.