نلاحظ هذه الأيام أن هناك هجرة سنوية كبيرة من الكويتيين شبابا وكهولا، يغادرون الكويت الى بريطانيا وبعض الدول الغربية الأخرى، مع أن هذه الأيام باردة جدا ولا يتمتع الزائر لهذه البلاد بأية راحة تذكر.
ولقد علمت من سؤالي للبعض منهم أن هذه الأيام أيام هيصة ووناسة والإكثار من شرب الخمر. ولكن غاب عنا جميعا أن يوم الكريسماس هو أهم يوم عائلي للغربيين يجتمع فيها الأهل ويزورون بعضهم البعض وتوزع الهدايا على الأطفال من قبل بابا نويل، وتجتمع العائلات لتناول وجبة خاصة تعرض في هذه المناسبة كريسماس بردنيك «فطيرة الكريسماس» عيد الميلاد، وهي عبارة عن نوع من الكيك أقرب الى الخبز وله إعداد خاص.
وتعجبت في إحدى المرات عندما كانت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا تزور الكويت وكنت مرافقا لها ورأيتها تغير موعد سفرها إلى ما قبل عيد الميلاد بيوم واحد.
وقد ذكرتها بأن هناك بعض الأمور الباقية في محادثاتها مع رئيس الوزراء، ولكنها قالت لي يا دكتور أنت تعرف أن هذا اليوم يوم كريسماس وهو يوم تجمع العائلات وتناول وجبة كريسماس بردنيك، وأنا مضطرة لأن أكون هناك لأن مسؤوليتي أن أطبخ هذه الوجبة للعائلة.
فسكت وتعجبت كيف أن رئيسة الوزراء مضطرة أن ترجع لبلدها بصفتها أم من أجل اعداد هذه الوجبة العائلية. وكم هؤلاء يقدسون هذه العادات والالتزامات بمناسبة الأعياد.
ورغم ان رئيسة وزراء بريطانيا فضلت هذا الواجب العائلي المقدس على واجباتها السياسية نجد ان الآلاف منا في الكويت لا يعطون أي أهمية للأعياد، وبدلا من أن يبقوا مع أهاليهم يحتفلون بالأعياد يغادرون الكويت، وقد يبيع البعض منهم سيارته للحصول على مطالب السفر.
أما عطلة رأس السنة والاحتفال بها فهي عادة وثنية أخذها الغرب من الوثنيين أثناء دخولهم في الديانة المسيحية، واشترطوا أن يبقى هذا اليوم يوما لغير أصحاب الأديان، وعندها يكون السهر والسكر وغير ذلك عادة يتمتع بها أغلب الناس في هذه الديار.
وفي تلك الليلة عندما كنت أدرس الطب عادة ما آخذ الخفارة من زملائي الطلبة المسيحيين.
وكنت أشاهد صورا غريبة لأناس يحضرهم الإسعاف وهم شبه مجمدين لأنهم كانوا يكثرون من شرب الخمر وبالتالي يقعون على الثلج من دون شعور ويصلون إلى هذا الوضع الذي هم عليه بسبب تعرضهم للبرد الشديد في هذه الليلة.
وتسمى هذه الليلة في اسكتلندا «هوج موني» يحج إليها الآلاف من الإنجليز للتمتع بكرم الاسكتلنديين الذين يفتحون ابوابهم حيث إن كل بيت يجهز الخمر للشرب، يحلو له مجانا مباشرة خلف الباب الداخلي للمنزل لتسهيل الشرب للزائر وعلى راحته.
هذه إذن هي حقيقة احتفالات عيد الميلاد، وكيف يستغلها الغرب. وقد فات على الإخوان من الكويت كيف أن الإنجليز يحتفلون ويحترمون عاداتهم، أما نحن فننسى عاداتنا ونغادر إلى خارج بلادنا.
متى يا ترى نتحضر، خاصة وأن أغلب هؤلاء المغادرين يغادرون الى الغرب في المناسبات ولا يعرفون معناها، ويسرفون في الإنفاق بأموالهم على شرب الخمر والتمتع بها.
ما لنا إلا أن ندعو الله أن يبصرهم بكل هذه الأمور ليبتعدوا عن العادات الغريبة علينا والتي لا يعرفونها.