قضية الخدم هي الشغل الشاغل لكل بيت كويتي، لأنهم أصبحوا يعتمدون اعتمادا كاملا على الخادم لدرجة أن الطفل الذي يولد يخصص له خادم، وبعد ذلك تنقطع العلاقة بين الطفل والأسرة. وهذه المصيبة الكبرى، ونجد أن كثيرا من الأطفال يعتبرون الخادمة هي أمهم الحقيقية، ومع مرور الزمن قد ينسى هؤلاء أمهم الحقيقية.
هذه مصيبة الكويت مع الخادمات، ودور الخادمة الأغرب هو الذي يحطم أسس العلاقة بين الآباء والأمهات وأطفالهم، وهو أحد الأسباب الرئيسية لعدم قدرة الطفل على التعبير عن ولائه وانتمائه لبلده لأنه منذ الطفولة يضيع بين ولائه للخادمة وأمه. وهذا الأمر خطير يهدد المستقبل، لذلك يجب أن نفكر أولا في دور الخادمة في المجتمع بعد أن أصبح شيئا أساسيا في التركيبة الاجتماعية وتربية الأولاد، وحتى في إدارة المنازل، وكيف تريد أن يكون مثالا للاستقرار وعدم وجود نسبة طلاق عالية خاصة بين الأفراد المتزوجين حديثا.
هذه ناحية اجتماعية خطيرة، ولكي تعرف أكثر من ذلك، إن هذه الحاجة الملحة والمصيرية بين الخدم وأرباب العمل هي التي جعلت للخادمة قيمة كبيرة في المجتمع لدرجة أنه لا يمكن أن تتصور البنت الكويتية الحياة الأسرية دون خادمة. وهذه الحاجة الملحة التي تقرر مصير الاسرة جعلت مستوردي الخادمات يستغلونها استغلالا كبيرا لدرجة أنه في بعض الحالات نجد أن تكلفة الخادمة تبلغ نصف دخل الاسرة الجديدة. وقد كان الأخ كامل العوضي قد أدرك هذه الأمور نتيجة لعمله الطويل في الداخلية وفي مجال شكاوى الأسرة الذي بذل جهدا كبيرا حتى أصبح نائبا في مجلس الأمة. وقد أمضى أكثر من سنة ونصف في إعداد مشروع قانون يعالج مشكلة الخدم، ونجح في إصدار القانون لتنظيم عملية إحضار الخدم من الخارج. لأنه كان واضحا لديه أن أصحاب مكاتب الخدم استغلوا الحاجة الملحة للأسر الكويتية لوجود خادمة أو أكثر استغلالا كبيرا لأنه من دون هذه الخادمات لن تستقر الحياة الأسرية وخاصة في مجال التنظيف والطبخ وغير ذلك، بالإضافة إلى تربية الأطفال، الأمر الذي جعل الحياة دون هذه الفئة صعبة وغير مستقرة.
إن قضية الخدم أهم بكثير مما يتصوره البعض، ولكن هذه حقيقة أزمة الخدم في الكويت ومن دون ايجاد حل سريع لها ستظل الأسرة الكويتية مهددة بالتفكك. هذا امر معيب جدا للأسرة الكويتية، ولكن هذا هو أحد أسباب الترف الذي نعيشه دون أن نعرف قيمته. هذا الأمر جعلني استغرب من تأخر بداية عمل الشركة التي انشئت في هذه الفترة للمساهمة في وضع الحلول لتخفيض مصاريف استقدام الخادمات التي بلغت نحو 1400 دينار وراتب الخادمة لا يقل عن 120 دينارا.
هل هذا معقول؟ وهل هذا يدل على اهتمام الحكومة بايجاد الوسائل الفاعلة للتغلب على هذه المشاكل خاصة أن «مافيا» مكاتب الخدم ومن يساندهم أصبحوا مرتاحين من تردد الحكومة في عدم اتخاذ القرار السريع لإنقاذ الأسر الكويتية.
أيها الإخوة، هذه قضية مهمة، فإن عجزتم عن حلها فاطلبوا العون من الأخ كامل العوضي الذي فكر في هذه القضية وعمل على إصدار قانون يمكنه أن يحل المأساة، لو أدار الشركة رجال لا يخضعون لتهديدات مافيا مكاتب الخدم الذين لا يهمهم إلا مصالحهم الشخصية دون النظر الى مصالح الكويت والكويتيين.
فارحموا الكويت، وبادروا إلى ايجاد الحل السريع المناسب، وأنا على يقين بأن كامل العوضي بشخصيته وخبرته الطويلة في هذا المجال سيسهم في ايجاد الحل الذي يرضي الجميع، لأنه سبق أن شغل منصب وكيل مساعد لشؤون الهجرة والجوازات واطلع على كثير من المشاكل الناجمة عن هذه العلاقة بين الخدم والمواطنين ومافيا مكاتب الخدم. وأرجو أن لا تخيب الحكومة أملي في ذلك.