مأمون النطاح، شاعر عراقي شاب، لم يتحمل ما يحصل في وطنه من ويلات، فهاجر صامتا مقهورا الى هولندا، حتى لا يرى بلاده تموت بين يديه وهو ينزف دما، من طعنات أهل الدار، وغير أهل الدار!
هاجر وهو لا يحمل في جيبه شيئا، سوى قلمه، وقصاصة ورقة بالية، يكتب عليها ما في قلبه من طعون وشجون، وصار يداوي الطعون من بلسم الشجون.. يجمع شجنا من بصرة، وشجنا من بغداد، وشجنا من موصل، وشجنا من كل موقع في بلاده، حتى كثرت عنده الشجون!
حمل شجونه الكثيرة على كتفه المهموم، ودار بها بلاد الله الواسعة، وفي كل بلد يترك فيه شجنا بالمعاني العفوية الصادقة، التي صدرت من دقات قلب مكلوم، يسمعها في قاعات المحافل الكثيرة، أناس يحضرون ويشجنون ويجنون حبا وعشقا بالعراق!
مأمون البطاح.. يحيي أمسياته الشعرية، ويجمع ريعها ليتبرع بها للعراقيين النازحين عن مدنهم المنكوبة بالإرهاب والإرهابيين، يداوي جروحهم ولا ينظر الى ملتهم أو دينهم أو مذهبهم أو من يكونون!
لم يحمل بيده بندقية ليقتل أخاه الإنسان في الوطن، هاجر وحمل معه رصاصة رحمة، وكتب بها شعرا وزنه ذهب، لا يقاس بالميزان، والذي دخل الى القلوب دون ان يجرحها، أو يترك فيها ثقبا، لكنه ترك فيها أثرا جميلا شكله خريطة وطن، اسمه العراق!
كم من مأمون يؤتمن، بقي في عراق اليوم؟!