عبدالوهاب الفهيد
بدأ العام الدراسي الجديد.. واستقبلت المدارس فلذات أكبادنا.. وكما يرى البعض ان المعاناة بدأت منذ بداية الدراسة، وقد تكون هذه النظرة تشاؤمية أو واقعية جدا، فالمعاناة قد تبدأ عند الطالب، وقد تبدأ عند الوالدين، أو تبدأ عندهما معا، واحيانا تكون هموم الدراسة كفرسي رهان بين الابن والوالدين، فالابن يريد ان يتفوق وينجح وينافس.. والوالدان يترقبان ولدهما ويعملان على تحقيق النجاح والتفوق له.
وقد يجد بعض الطلبة معاناة في الدراسة.. تتمثل في كيف أدرس وأنظم مذاكرتي؟ كيف أستوعب هذا الكم من الدروس والمناهج المختلفة في آن واحد؟ هناك دروس لا تحقق ميولي الشخصية، فما الطريقة لكي ادرسها وأستوعبها وأتفوق فيها؟ هناك دروس تعتمد على الحفظ والفهم وهناك دروس تعتمد على الفهم فقط. فكيف أوفق بينهما؟ وهناك الكثير من التساؤلات تدور في ذهن أبنائنا الطلبة، وتحتاج الى اجابات من المختصين في الحقل التربوي والعلمي. ومن المعروف ان الدراسة فن ومهارة، ولكل فن ومهارة أسرار، وقد ثبت ان هناك قواعد ووسائل وفنونا ومهارات حديثة للاستذكار والدراسة في شتى مجالات التعلم.. وهذه القواعد ووسائل وفنون ومهارات حديثة للاستذكار والدراسة في شتى مجالات التعلم.. وهذه القواعد والوسائل تحسن من كفاءة الدراسة، وتساعد في تحسين قدرات الطالب على الفهم والاستيعاب، وتمكن من استغلال طاقته الكامنة في نفسه بطريقة سليمة ومثمرة تعود عليه بالتقدم والنجاح.
وهذه الفنون والمهارات تكمن في أمرين: الأول في الجانب العملي والدراسي، كتنظيم الوقت، ومهارة التخطيط والاستذكار عن طريق وضع جدول المذاكرة، ومهارة تحسين القراءة كالقراءة السريعة والمتعمقة وغيرهما، ومهارة الحفظ، والاستيعاب، ومهارة المراجعة الدراسية والاستعداد للامتحانات.
والثاني: في الجانب النفسي والانضباطي، كالدوافع والبواعث النفسية التي تحرك الجانب العملي في النفس الانسانية، كالتصور، والتوقع، والتخطيط، والالتزام، واتخاذ القرارات، والصبر والمرونة، وبرمجة النفس بالايحاءات الايجابية ومهارة التركيز، ومهارة الانصات، ومهارة التذكر ومقاومة النسيان والتشتت الذهني.
اما الفنون والمهارات في الجانب العملي والدراسي فقد كتب عنها كثير من المختصين، وهناك برامج عملية تقدمها بعض المدارس والمؤسسات الادارية والتربوية في هذا الجانب.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، كتب د.نجيب الرفاعي «المذاكرة السريعة» و«مهارات دراسية» ود.محمد الثويني «النجاح للأبناء من الابتدائي الى الجامعة»، ومحمد ديماس «أسرار التفوق الدراسي» وكل هذه الكتب قد استوعبت تلك الفنون والمهارات في الجانب الأول، اما الجانب النفسي والانضباطي، فقد كتب فيه بعض المختصين لكن من دون إفراده كموضوع مستقل، وان كان هذا الجانب تجري فيه تدريبات عملية تحتاج الى تكرار وتعود وتدرج الا ان هذا الجانب مفيد لكل الناس، ولجميع أمور الحياة، فيحتاجها الطالب والموظف والمدير والعامل، والباحث والكاتب، وربة البيت... إلخ.
ومتى ما أجاد الطالب استيعابها وتطبيقها سهل عليه الجانب الأول (العملي والدراسي). وهذه الجوانب مفاتيح النجاح ان أحسن أبناؤنا تطبيقها والاستمرار عليها.
فقد اثبتت كثير من الدراسات العلمية والنفسية ان الجانب النفسي في الانسان عنصر مهم لتكوين شخصيته في حياته بشكل عام.
فالبواعث النفسية والدوافع لها عظيم الأثر في تحريك سلوك الانسان، وهناك دوافع كثيرة في حياتنا تدفعنا الى عمل ما، فمتى ما ايقظنا تلك الدوافع في أنفسنا تحركنا بشكل سليم، وحققنا ما نصبو اليه مهما كانت العوائق.
يقول دينس ديتلي: «تتحكم قوة رغباتنا في دوافعنا، وبالتالي في تصرفاتنا»، فالطالب الذي يصنع في نفسه تصورا لمستقبله، لما يطمح له، سيجد ان هناك دافعا في نفسه الى تحقيق هذا الطموح يدفعه دفعا نحو الدراسة والمثابرة والاجتهاد.. ومتى ما اعتضد هذا بتشجيع الوالدين له ودفعاه نحو هدفه أتت النتيجة فوق ما يتصوره المرء. وهكذا تتحد الرغبة والدوافع محققة النتيجة والنجاح.
وأختتم بقول فرانسيس بيكون المفكر والتربوي «نصيب الانسان موجود بين يديه».