عبدالوهاب الفهيد
في أواخر القرن الثامن عشر أحجم الأوروبيون عن أكل وزراعة البطاطس، والفرنسيون ربطوها بمرض الجذام، والألمان أطعموها للماشية، والروس اعتبروها سما قاتلا، وصارت تجارة غير رائجة، فعمدت امبراطورة روسيا كاترين العظمى الى إحاطة حقول البطاطس بأسوار عالية، وأصدرت فرمانا يحذر من سرقة البطاطس.
فأحدثت بهذه الحركة ردة فعل عكسية اذ زادت رغبة الناس للحصول على البطاطس، لأنهم اعتقدوا انها ذات فائدة وقيمة وإلا لماذا تحاط حقول البطاطس بهذه الأسوار ويمنع تعاطيها أو سرقتها؟! وبذلك ارتفعت شعبيتها وغلا ثمنها وندر وجودها عند الفقراء حينذاك، وصرخوا: إننا نستحق الاستمتاع بالبطاطس، اننا بحاجة الى البطاطس.
ان قانون الندرة ينص أساسا على اننا نجل كل ما هو نادر، وعندما نكتشف ان شيئا ما نادر أو يصعب الحصول عليه، فإن أول ما يتبادر الى أذهاننا انه لابد ان يكون ذا قيمة وفائدة.
وباعتبار ان المرأة الكويتية ـ بلا شك ـ ذات قيمة في المجتمع وهي تسعى منذ أربع سنوات عجاف لمنافسة الرجل في دخول المجلس، وقد تحقق حلمها الآن، وذلك يرجع الى تحقيق قانون الندرة في أذهان الناخب الكويتي رجالا ونساء، فعندما حاصر المعترضون وجودها في المجلس وحاربوا وصولها إليه، أشعل ذلك فتيل المنافسة للوصول بالمرأة لقبة البرلمان، وعمل قانون الندرة عمله في استقطاب الناخبين فارتفعت بذلك شعبية المرأة وتحقق وصولها لأول مرة في تاريخ المجلس منذ تأسيسه وبذلك حصلت المرأة على بطاقة دخول المعترك السياسي وكسرت الحاجز النفسي الذي يتدثر به البعض.
وما أردت ان أنوه اليه اننا كرجال أهملنا تواجد المرأة على الساحة السياسية الكويتية وتغافلنا قوة وجودها، بل ان البعض حاربها دون وعي ولم يحاول الاقتراب من تفكيرها وتلمس حاجتها، خاصة بعدما أعطيت بعض حقوقها السياسية.
وبعيدا عن الخلاف في الرأي حول شرعية وجودها أو عدم شرعيته فلابد ان نفسح المجال لها لتخوض هذا المعترك الذي يصعب أحيانا على الرجال ناهيك عن النساء.
فإذا أثبتت المرأة بندرتها في المجلس جدية أطروحاتها، فهذا مكسب للكويتيين وفوز لهم، واذا صار خلاف ذلك فتكون تجربة تستحق الإشادة، فليس كل مجتهد مصيبا، وما كل خطأ ينعكس على المرء يكون عيبا في جنسه أو فكره.
ولن نعوّل على المرأة في دخولها للمجلس بأن يتحسن الأداء بصورة جذرية وسريعة، فهناك أمور كثيرة تقف عثرة في وجه أعضاء المجلس تعطل في كثير من الأحيان عمل المجلس.
وما نرجوه من القلب ان تحقق (الندرة) في المجلس الكثير وذلك بمد يد التعاون بين الجنسين، فأبونا آدم وأمنا حواء حققا الكثير في حياة البشرية، وما زالت البشرية تنتظر منهما الكثير.