أثارت إجراءات وزارة الداخلية المتعلقة بحزام الأمان واستخدام الهاتف النقال أثناء القيادة، لغطا سياسيا ودستوريا وحتى أمنيا! حيث ما ان بدأت وزارة الداخلية في تطبيق إجراءاتها، التي نختلف حول اسلوب تطبيقها، مع إيماننا بأهمية الالتزام بتطبيق القانون وفق قانون المرور واللائحة التنفيذية له حفاظا على مستخدمي الطريق وقائدي المركبات ونؤازر وزارة الداخلية في ذلك، وبعد الاثارة الإعلامية وردود الأفعال المختلفة لهذا الإجراء، أعلن معالي نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ خالد الجراح عن مراجعته لهذا القرار عند عودته من الإجازة، وفي الوقت ذاته وبناء على ما نسب الى السيد وكيل الوزارة الأخ العزيز الفريق محمود الدوسري دون نفي أو تأكيد من الوزارة، مما يستوجب معه اعتباره صادرا من الوزارة، ألغيت تلك الإجراءات والاكتفاء بتسجيل مخالفة، دون سحب السيارة مما كانت له ردة فعل ايجابية ولم يمض وقت وبعد عودة الوزير واقتناعه بما قدم له من احصائيات، اعلنت الوزارة عن عودة إجراءات سحب السيارة عند مخالفة حزام الأمان واستخدام الهاتف، مع مراعاة النساء وكبار السن، وذوي الاحتياجات الخاصة، وتوضيح ان مدة السحب من يومين الى شهرين واذا كان السائق لا يملك المركبة تحجز المركبة يومين، من هنا تطرح تساؤلات ما ذنب مالك المركبة بأن تحجز مركبته! ماذا لو كان السائق يتعمد ذلك؟ لماذا لم تبدأ الوزارة بالتدرج في المخالفة وتسجيل ذلك في سجل السائق، وعند التكرار تسحب اجازة القيادة من السائق! وعند التكرار تسحب السيارة ان كان «هذا الأمر» في اطار القانون وليس اللوائح أو القرارات الوزارية، حيث إنه لا عقوبة الا بنص، والتساؤل الآخر المهم من يقرر وعلى أي سند تحجز السيارة لمدة اقصاها شهرين وادناها يومين؟ هل بناء على أمر واضح أم يعود لأهواء شخصية عند التطبيق: مخالف شهر، وآخر أسبوع وآخر شهرين وهكذا! ثمة أمر آخر مستغرب كيف يتم تطبيق القرار بانتقائية المتمثل في سحب سيارات الذكور دون الاناث وغيرهم؟! الا يخل ذلك بما نصت عليه المادة 29 من الدستور «... من ان الناس سواسية لدى القانون في الحقوق والواجبات لا تمييز بينهم بسبب الجنس..»؟! هذه اسئلة لأخرى عديدة نأمل من معالي نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية النظر بعين الاعتبار لها وكما اشرنا سابقا الى اهمية المتابعة والتقييم لأي أمر للوقوف على السلبيات والايجابيات لأي قرار وقبل ذلك الدراسة الوافية لأي قرار من جميع جوانبه القانونية والدستورية! لماذا لا تتقدم وزارة الداخلية في اطار دورها القانوني بتقديم مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون المرور بما يساهم في اعطاء الصفة الدستورية لأي إجراء تتخذة الوزارة؟ فليعذرني الاخوة بوزارة الداخلية وعلى رأسهم معالي الوزير والوكيل والقيادات الأمنية الاستشهاد بما قالة احد كبار القادة العسكريين الأجانب عندما سئل عما سيفعله في حال وجه اليه الرئيس أمرا فأجاب: «بانني مكلف بتقديم النصح للرئيس وهو يخبرني بما يجب علي ان افعل، واذا كان الأمر «غير قانوني» فساقول له هذا «غير قانوني»، وسيقول الرئيس عندئذ: «ما هو الإجراء القانوني؟» وهنا سنتحدث عن خيارات! اليس هذا هو المنطق وهذا ما يجب ان يكون عليه المسؤولون ليس بوزارة الداخلية فحسب، بل في كل المؤسسات الحكومية، في تقديم النصح والمشورة خاصة في الأمور التي تتعلق بالحقوق والواجبات، وان تكون في اطارها القانوني.. ولعلني استذكر موقفا مشابها مع المغفور له باذن الله تعالى الشيخ علي صباح السالم، عندما ارادت الادارة العامة للمرور انذاك نشر خبر عن قيامها بسجن مرتكبي المخالفات الجسيمة وكانت ردة فعله بمدى تطابق ذلك مع القانون، فرفض ذلك المقترح لانه لا يمكن حجز حرية شخص إلا ممن خولهم القانون ووفق الإطار القانوني وليس من المرور؟!
[email protected]