منذ فترة ليست بالقصيرة تتوالى الاتهامات على مكونات رئيسية بالمجتمع الكويتي منها ما هو ديني او ليبرالي تعبر عن انتماءات أعضائها الفكرية، ايمانا بحرية التفكير وإبداء الرأي. ولا شك فيه ان الاختلافات الفكرية تثري النقاش في المجتمع وكيفية مواجهة القضايا المجتمعية على اختلافها من وجهات متعددة تصب في الصالح العام ان التزم الجميع بأدب التخاطب والحوار.
ولكن للأسف وخاصة فيما يتعرض له التيار الديني من انتقادات وقذفه بأبشع الكلمات، لم يقف الأمر عند هذا الحد بل إلقاء اللوم على المنتمين لهذا التيار في كل مسألة صغيرة او كبيرة ووصفهم بأعداء الوطن حتى اصبحت كلمة «اخونجي» ملازمة لبعض التصريحات النيابية وإلقاء أي فشل على هذه الفئة.
ومن جهة اخرى ما تواجهه الفئة الاخرى المتبنية للأفكار الليبرالية من هجوم من قبل المختلفين معها.
وأود ان اشير الى انني هنا لست مدافعا عن هذه الفئة او تلك، ولكن احترام كل الآراء واجب، وإن كان هناك من يرى الإضرار بأمن البلاد او الاساءة للدين او معتقد او مذهب آخر، فما عليه والنواب اولهم، الا التوجه الى السلطات المختصة للإبلاغ عن هذا التجاوز، هذا هو الأسلوب الحضاري الذي يجب ان يلتزم به الجميع وعلى رأسهم اعضاء السلطة التشريعية باعتبارهم القدوة ومطالبون قبل غيرهم بالاتزان بالتصريحات التي تدغدغ المشاعر بل وتثير الضغينة بين افراد المجتمع الواحد، وما ستؤول اليه تصريحاتهم، وعدم اتخاذ المنبر الاعلامي ساحة للاستعراض وهذا ما يجب ان يلتزم به الاعضاء كسلوك عام. فما عسانا ان نقول لأبنائنا، عماد المستقبل، عندما يسمعون ويشاهدون النواب بهذا المستوى المتدني من النقاش وهم المشرعون!؟
ولعل اوضح مثال ما يحصل من سجال من بعض الاعضاء و(العامل المشترك هنا) الاخت الفاضلة وزيرة الشؤون هند الصبيح، التي ما ان انتهت من الاستجواب وتجديد الثقة بها، انبرى لها الاعضاء مجددا وتوجه اليها الآن انتقادات، اولها من احد الاعضاء، ان هي اقدمت على حل جمعية الشفافية وكذلك إن لم تحاسب او تحل جمعية الحرية الليبرالية بسبب تغريدة غير ملائمة من احد اعضائها، يستنكرها الجميع، ولكن يبقى رأيا، والقضاء كفيل بمحاسبته، وتهديد العضو باستجوابها بحجة الدفاع عن الدين! فهل اصبحت الوزيرة مسؤولة عن تغريدات المنتمين لجمعيات النفع العام؟! ونتساءل لماذا لم توجه انتقادات لوزارة الاوقاف عن صمتها تجاه تلك التغريدة أليست هي المعنية عما اذا كانت هناك اساءة للدين من عدمها!؟ لماذا لم تحرك دعوى ضد قائلها؟!
وعضو آخر شمر عن ساعديه بالهجوم على جمعية الشفافية وتهديدها بالاستجواب ان لم تحل الجمعية! لا لشيء إلا لاعتقاده بأنهم من المتدينين او ما يسميهم الاخونجية وما طالهم من تجريح؟ دون تقديم أي دليل على أي تجاوز منهم.
نعم، لا نريد سيطرة أي تيار على مفاصل الدولة وأيضا لا نريد إلقاء التهم جزافا.
وللأسف، هذا الوضع يأتي ممن ائتمنوا على مصالح الشعب والدخول في مهاترات تبتعد عن طموحات المواطنين بالتنمية والعدالة وأفقدوا اداة الاستجواب عن مقصدها الرقابي.
[email protected]