تطرقت في المقال السابق إلى موضوع ثقافة الادخار، وكانت هناك ردود فعل طيبة من القراء، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على اهتمامهم باستقطاع جزء من وقتهم في قراءة المقال والتعقيب عليه.
ولا شك أن هناك ارتباطا وثيقا بين ثقافة الادخار وثقافة الاستهلاك وان احسنا وتبنينا مبدأ ثقافة الاستهلاك القائم على التخطيط لكل جوانب الصرف المالي للفرد، فلا شك انه المدخل الرئيسي للادخار، حيث ان تقنين الاستهلاك المتمثل بسلوك الفرد أو الأسرة الاستهلاكي، يجب ان يتصف بالاتزان والتعقل والبعد عن الإسراف والذي سيؤدي بالتبعية إلى توفير مبالغ كثيرة لم تكن بالحسبان.
ولترسيخ ثقافة الاستهلاك والابتعاد عن النزعة الاستهلاكية، يجب أولا على المستهلك ألا ينجرف وراء الإعلانات التجارية وما فيها من تنزيلات وعروض وخاصة فيما يتعلق بالوجبات الغذائية، او متابعة مشاهير السوشيال ميديا باخر الصرعات والماركات التي يروجون لها والحدّ من السلع الكمالية غيرالضرورية بقصد التباهي والتفاخر أو لتعويض نقص اجتماعي، ثانيا مراجعة أسلوب الاستهلاك العائلي والذي يبدأ بتحديد احتياجات البيت قبل الشراء وكتابة ذالك بورقة، وعدم الذهاب لشراء الحاجيات دونها لأنه في النهاية سيتم شراء ما نحتاجه وما لا نحتاجه لكوننا نتسوق من غير هدف، والوجه الثالث والمهم، إلغاء طلبات توصيل المطاعم للمنزل نهائيا وان لم يكن فبتقنينه إلى حد كبير، حيث ان متعة الأكل من المطاعم تتم عند الخروج بنزهة أو تسوق، وهنا نشعر بلذة الطعام.
والأهم ألا نترك الأبناء الصغار يتولون أمر الاتصال بالمطاعم بأنفسهم لأنهم لا يدركون سوى الطلب والاستهلاك دون وعي، كما أن الحرص على انتقاء شراء الملابس بنهاية كل موسم مع التنزيلات، يعتبر أمرا جيدا وسنجد الفرق الشاسع بين الأسعار.
هذه مجموعة من الأمور وهناك أمور غيرها قد نتشارك بعضها لتعميم الفائدة وجعل أسلوب حياتنا قائما على الاعتدال حيث ان أي مواد غذائية تالفة نتيجة تكدسها ترمى في سلة المهملات هو عبارة عن مال يذهب سدى.
وعندما أشير الى ذلك ليس من باب البخل المذموم، ولكن من باب التدبير المحمود، والحفاظ على نعمة المال كوسيلة للعيش الكريم وصرفه في أبواب تعود بالفائدة على صاحبه ونمائه بإخراج الصدقات والزكاة وليس للتبذير في أمور زائفة والمباهاة.
من هنا فإن انتشار ثقافة الاستهلاك الصحيح بين جميع أفراد المجتمع وتعاون الإعلام والتربية والأوقاف في بث التوعية، ستؤدي لا محالة الى ادخار ولو جزء يسير من المال لأمور يحتاج إليها الفرد.
وان هذه الدعوة ليس القصد منها الحرمان بقدر الاعتدال وعدم الإسراف.
[email protected]