لا شك أن التقاعد سُنّة الحياة، خاصة أن هناك من القوانين والأنظمة التي تنظم إحالة الموظف إلى التقاعد بعد سنوات طويلة من الخدمة. ويشكل المتقاعدون نسبة لا يستهان بها في أي مجتمع، وأشير إلى ذلك فيما يتم تداوله من أن نسبة المتقاعدين تقارب 10% من السكان، وهذا ما يتضح جليا من أعداد المشمولين بالتأمين الصحي (عافية) الذين يتجاوز عددهم 137 ألف متقاعد.
ولا شك أن هذه نسبة كبيرة في مجتمع صغير كمجتمعنا، والتساؤل الذي يُطرح هل يستفاد من المتقاعدين في خدمة المجتمع أم يتركون للفراغ القاتل؟! وهل دور الحكومة للمتقاعد فقط هو تأمين العلاج المجاني وصرف المعاش التقاعدي؟ لماذا لا يكون هناك تخطيط رسمي يشتمل على خطط وبرامج لدمج المتقاعدين في المجتمع؟ ولماذا لا تكون هناك هيئة مستقلة أو إدارة للمتقاعدين في وزارة الشؤون؟
وبالنظر إلى تجارب الدول المتقدمة، نجد أن قيمة الإنسان لا تختلف إن كان صغيرا أو كبيرا بل الاهتمام به وبطاقته في خدمة مجتمعه وبما يعود عليه بالنفع وعدم إحساسه بالوحدة أو كونه عالة على أحد!
وهناك أمثلة كثيرة لاستغلال واستثمار وقت المتقاعد وعدم شعوره بالانطواء، وذلك بوضع برامج دراسية علمية نظرية وعملية لكي يلتحق بها المتقاعدون، وهم كثيرون، لتنمية قدراتهم الذهنية أو استكمال دراستهم أو حتى الالتحاق بمجال دراسي فاتهم الالتحاق به في حياتهم لانشغالهم بالعمل ويتمنون أي فرصة تسنح لهم داخل المجتمع لتنمية قدراتهم وتحصيلهم العلمي.
وبالطبع هذا لا يتأتى إلا بتبني جامعة الكويت وهذا ما نأمله منها بقبول من يرغب المتقاعدين في الدراسة بالكليات وفق برامج علمية تتناسب مع ميول المتقاعدين ومؤهلاتهم على اعتبار أن الثقافة والتعلم لا يقف عند حد معين ومجال رائع للانخراط في الحياة وعدم الشعور بالانطواء وخاصة في السن المتقدمة والتي بلا شك ستوفر الكثير على الدولة، خاصة في مجال رعاية المسنين وتجعل من المتقاعد منشغلا بوقته في فائدة تعود بالنفع عليه وبصحته النفسية لإثبات قدراته، وهذا ما نأمله أن نراه قريبا إذا كنا فعلا حريصين على الاهتمام بالمتقاعد كشخص فعال في المجتمع وان التقاعد ليس نهاية العطاء أو الجد والاجتهاد.
[email protected]