حدثان إيرانيان مهمان وقعا في الأيام الماضية لهما تأثيرات استراتيجية مهمة على منطقة الخليج، أولهما «الانتخابات الرئاسية الإيرانية»، أما الثاني فهو «المفاوضات النووية» بين إيران والولايات المتحدة في فيينا.
يعتبر البعض أن الفوز الذي حققه مرشح المحافظين والولي الفقيه «رئيسي» في الانتخابات الرئاسية الأخيرة كان نتيجة عزوف الناخبين الإيرانيين بعد استبعاد مجلس صيانة النظام المرشحين الإصلاحيين الأقوياء، فلقد بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة 48.8%، مقارنة مع 73.33% في الانتخابات السابقة بعام 2017.
بالرغم من أن ما سبق هو واقع حقيقي، إلا أن القراءة المتأنية لنتائج هذه الانتخابات تخبرنا بأمور أخرى مهمة منها وجود «بلوك ناخبين محافظين» متماسك بل وينمو تدريجيا، بالرغم من الحصار والأوضاع المعيشية الصعبة، والدليل أن المرشح «رئيسي» في انتخابات عام 2017 حصل على 15.7 مليون صوت، وفي الانتخابات الأخيرة حصل على ما يقارب 18 مليون صوت من إجمالي 59 مليون شخص يحق له الانتخاب، وهذا بكل المقاييس رقم «مهم» وله «دلالاته»، منها أن ثلث الشعب الإيراني مازال مؤمنا بولاية الفقيه وبالسياسات الداخلية والخارجية للنظام الإيراني.
أما الحدث الثاني المهم فيتعلق بنتائج الجولة السادسة من المفاوضات النووية التي عقدت الأحد الماضي في فيينا بين إيران والولايات المتحدة، والتي أشار لها كبير المفاوضين الإيرانيين عراقجي بأننا قريبون جدا من تحقيق «تفاهم مشترك» واتخاذ القرار النهائي.
وبحسب «نيويورك تايمز» يعتقد كبار مساعدي الرئيس جو بايدن المشاركون في المحادثات أن «اللحظة قد حانت للتوصل إلى اتفاق مع إيران».
٭ ختاما: يبدو أن النظام السياسي الإيراني بعد نجاح مرشح الفقيه «إبراهيم رئيسيي» في الانتخابات الرئاسية الأخيرة أخذ دفعة قوية للاستمرار وليس قريبا من الانهيار كما يتوقع البعض، وربما ستتحقق مقولة خامئني التي ذكرها في خطابه عام 2019 بمناسبة الذكرى الأربعينية للثورة، بأن إيران في صدد «ثورة جديدة ثانية».
وأما ما يتعلق بالشأن النووي فمن الواضح جدا تمسك إيران بمشروعها النووي واحتمالية نجاحهم تمريره في المفاوضات الحالية، وأما بشأن برنامج الصواريخ الباليستية، فقد أوضح الرئيس الإيراني المنتخب «رئيسيي» بعد نجاحه بأنهم لن يتخلوا عنه!
٭ الخلاصة: العبث الأميركي الترامبي كلف المنطقة الكثير دون أن ينجح في احتواء إيران، أما بايدن فإنه سيعيد المنطقة إلى ما قبل وصول ترامب للسلطة، وبعدها ربما يبني سياسة خارجية جديدة تجاه إيران، وفي كل الحالات الخليجيون سيكونون في موقف محرج وغير مستقر، لأنهم في مواجهة «ثورة إيرانية ثانية» معززة بالنووي سيعاد تصديرها للمنطقة.