من «جنيف 1» إلى «جنيف 8» مرورا في محطات ديبلوماسية أخرى، كفيينا سابقا وسوتشي حاليا، في كل مكان يبحث السوريون عن حلول توافقية تخرجهم من المأزق أو الكارثة إن صح التعبير.
بالرغم من أن القضية السورية مستحقة لشعب يسحق، عانى لأكثر من ست سنوات، من ممارسة أبشع صور الإجرام عليه، من نظام ديكتاتوري، ومع كل ذلك، مازال المجتمع الدولي لا يمارس ضغوطا جدية على النظام للوصول إلى حل نهائي.
يبدو أن العالم بأسره يتدخل في الشأن السوري، ولا أوضح على ذلك، من مسميات المعارضة السورية أنفسها «كمنصة القاهرة - منصة الرياض - منصة اسطنبول - منصة روسيا»!
فكل معارضة تدعمها دولة بحسن نية أو بغيرها، وإن كانت التدخلات الدولية بدأت تتراجع وتنحصر مؤخرا فيما يسمى بالدول الضامنة (روسيا، ايران، تركيا)، بالرغم من المبادئ التي نصت عليها مقررات جنيف1 جميع القرارات الأممية المتعلقة بالأزمة السورية وخاصة القرار رقم 2254 والذي ينص على بدء محادثات السلام بسورية في يناير2015 ويؤكد على أن الشعب السوري هو من يقرر مستقبل البلاد دعا لتشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات برعاية أممية مطالبا بوقف أي هجمات ضد المدنيين بشكل فوري، لا يزال وفد النظام السوري في جنيف 8 يتهرب من مناقشة مسألة «الانتقال السياسي»، بل وهدد بالانسحاب من المفاوضات، معللا ذلك بوضع المعارضة شروطا مسبقة للتفاوض ويقصد بذلك بيان الرياض والتي طالبت فيه المعارضة برحيل الأسد.
من الواضح أن وفد النظام غير مخول بالحديث عن رحيل رئيسه، ويحاول تمضية المفاوضات بالحديث عن الدستور بعد أن أضاع الوقت في الجولات السابقة بالحديث عن الإرهاب وهي الورقة التي فقدها بعد انحصار خطر داعش.
هل تتصور روسيا أو حتى النظام السوري بأنه من الممكن أن يبقى بشار وعصابته بالحكم، لو توصلت المفاوضات الدولية لصياغة دستور ديموقراطي وأعقب ذلك اجراء انتخابات حرة ونزيهة في سورية؟!
من المستحيل أن يبقى الأسد، فلا الأكراد ولا العرب السنة يريدونه، إذن مهما تهرب وفد النظام من مناقشة مسألة الانتقال السياسي فإن مناقشة دستور جديد ديموقراطي ومن ثم إقراره وإجراء الانتخابات، ستكون كفيلة بإحداث انتقال سياسي في سورية أي الإطاحة بالأسد، فلا مفر من ملاقاته لمصيره المأساوي، اذا ما أعطي للشعب السوري حرية الاختيار.
ولذلك أدعو هيئة التفاوض السوري بالبدء بمناقشة أي من البنود المقترحة من المبعوث الأممي ديمستورا، سواء مسألة حقوق الإنسان أو الدستور أوالانتقال السياسي، فكل الطرق تؤدي إلى روما - وروما السوريون هي زوال الأسد ونظامه.
ولكن لابد من ضمانات دولية لتحديد سقف زمني للمفاوضات وسقف ديموقراطي للدستور، وإلا ستدخل المفاوضات في جنيف لمرحلة طويلة بمناقشة التفاصيل الإجرائية غير المنتهية، لتتحول جنيف السوريون إلى أوسلو الفلسطينيين والإسرائيليين.