ستنطلق الانتخابات البرلمانية العراقية في ظل مشهد سياسي تطغى عليه الطائفية السياسية، خلافا لظاهرة التشظي الحزبي، حيث يفرخ الحزب الأم مجموعة من الأحزاب، ومصطلح «يفرخ» يصف الوضع جيدا، فالحزب الأم وبكل رضا يسمح لقياداته بتأسيس الأحزاب، مثال - الحزب الشيعي الرئيسي في العراق حزب الدعوة الإسلامية، والذي استطاع تشكيل تحالف سياسي موحد من اغلب التيارات الشيعية بما فيها حزب المجلس الأعلى للثورة الإسلامية وحزب الصدر تحت اسم «الائتلاف الوطني» في انتخابات 2005، من خلاله تمكن الجعفري من ترأس أول حكومة منتخبة «حكومة انتقالية» بعد الاحتلال الأميركي للعراق، وفي انتخابات عام 2006، استبدل الجعفري بالمالكي متعللين بالانسجام مع رغبة حلفاء الائتلاف الخارجيين كالاتحاد الكردستاني.
إلا أن الخلافات السياسية داخل المكونات الرئيسية للتحالف الشيعي أدت إلى أن يشكل المالكي تحالف ائتلاف دولة القانون وخاض انتخابات ٢٠١٠ ونجح في تشكيل حكومة جديدة وترأسها، وفي انتخابات عام 2014 أعاد الكرة وخاض المالكي الانتخابات بعيدا عن التحالف الوطني العراقي الذي وصل عن طريقه إلى رئاسة الحكومة في 2010، إلا ان الكتلة الشيعية بما فيها حزب الدعوة رفضت تسميته واختارت العبادي بدلا عنه، لأسباب داخلية وخارجية.
يبدو أننا أمام خريطة بدأت ترتسم للتحالفات الجديدة في الانتخابات البرلمانية العراقية 2018، فبخلاف الأحزاب الكردية وائتلاف الوطنية العراقية بقيادة اياد علاوي، أما القوى الشيعية فانقسمت إلى أربعة تحالفات رئيسية، تحالف نصر العراق بزعامة العبادي، وائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، وتحالف الفتح ويضم فصائل الحشد الشعبي بزعامة هادي العامري، وتحالف سائرون المدعوم من الصدر والشيوعيين!
إذن، نحن بصدد عودة ظاهرة التشظي الحزبي وبقوة في الانتخابات العراقية المقبلة، ولتلك الظاهرة إيجابياتها وسلبياتها، ومن الإشارات الإيجابية تشكلية ائتلاف انتخابي بين تيار إسلامي شيعي «تيار الصدر» وحزب غير إسلامي «الشيوعي العراقي» بعد ان جمعتهما سنوات من الزمالة بالتظاهر ضد فساد حكومة العبادي.
وربما بعد الانتخابات بـ«البرلمان» يجتمع أيضا، الليبرالي علاوي مع تكتل سائرون «الصدر والشيوعي» وقد يحصلون على دعم الأكراد الذين ذاقوا الإذلال» عندما أعلنوا استقلال كردستان العراق على يد دولة القانون وحزب الدعوة، وقد ينجحون بتشكيل تحالف نيابي جديد قد يستطيع حكم العراق ويحقق آمال الكثيرين في عدم عودة الأحزاب التي أثبتت خلال سنوات من حكمها أنها فاسدة.
ولكن لا تخلو التوقعات من الاحتمالات السيئة، كانزلاق العراق الى العنف خصوصا ان الأحزاب الجديدة أغلبها واجهات سياسية لميليشيات عسكرية، أو استمرار احتكار حزب الدعوة بأشكاله المختلفة بالإمساك بزمام السلطة واستمراره الفساد والطائفية السياسية.