أول الاجتماعات التي عقدت في كامب ديفيد «المنتجع الصيفي للرئيس الأميركي» تختص في الشأن العربي، هي الاجتماعات التي قادت إلى اتفاق السلام بين مصر السادات وإسرائيل مناحم بيجن عام 1978. وربما صدم العرب من تلك الاجتماعات وكرهوا الاتفاقية والمكان معا، ولكن مع مرور الوقت تمنوا لو يحصلون على ما كان يطرح فيها من تسويات!
أما اجتماع كامب ديفيد الثاني والمختص بالشأن العربي وهو بنفس الوقت الاجتماع الخليجي الأول مع الأميركان في الولايات المتحدة هي «القمة الأميركية الخليجية» المنعقدة في مايو 2015، وسبب انعقادها هو الهلع الخليجي من قرب التوصل إلى اتفاق بشأن النووي الإيراني والذي كان يعتقد بأنه سيخل بتوازنات القوى في المنطقة لصالح إيران.
في كامب ديفيد الخليجي الأول، كان الخليجيون موحدين تجاه مصادر التهديدات الأمنية ولذلك ذهبوا بـ«قلب رجل واحد» الى رئيس الولايات المتحدة الأميركية آنذاك أوباما ليحصلوا منه على ضمانات ملموسة تجاه مخاطر المشروع النووي الإيراني، وانتهى الاجتماع الخليجي ـ الأميركي بإعطاء دول مجلس التعاون منظومة دفاعية لتبني «قبتها الحديدية» للحماية من الصواريخ الإيرانية التي قد تكون محملة بالنووي مستقبلا، بالإضافة الى أخذ تعهدات وضمانات أميركية بضرورة المراقبة الشديدة للمشروع النووي الإيراني والتأكد من عدم السماح بتحويله الى مشروع عسكري يهدد دول المنطقة وشعوبها.
أما في كامب ديفيد الثالثة عربيا، والثانية خليجيا، والمتوقع ان تنعقد في منتصف هذا العام، سيذهب الخليجيون إليها، وهم منقسمون ومختلفون ومتنازعون، ليس لديهم قضية خارجية ليشتكوا منها إلى الأميركان، بل سيشكون بعضهم البعض!
تحولت مصادر التهديدات الأمنية لدولنا الخليجية من إيران وأسلحتها النووية والعراق وإرهاب داعشه وحشده، إلى أننا أصبحنا نهدد ونتهم بعضنا!
حاولت الكويت وصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد التوصل إلى تسوية الأزمة الخليجية ولكنها لم تصل إلى نتيجة إلى الآن، وكلنا نتذكر صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد بمؤتمره الصحافي في البيت الأبيض عند زيارته للرئيس ترامب في سبتمبر 2017 حين طلب المساعدة الأميركية في جهود الوساطة الخليجية.
ختاما ـ يزور ولي عهد المملكة العربية السعودية الولايات المتحدة، وسيزورها أيضا ولي عهد أبوظبي، وسيحل سمو أمير قطر الشيخ تميم بن حمد ضيفا على واشنطن وسيلتقي الرئيس ترامب الذي أكد على أن اجتماع كامب ديفيد او «القمة الأميركية - الخليجية» لن تنعقد ما لم تحل الأزمة الخليجية، ولذلك هناك من يهمه انعقادها لأنها ستشكل ورقة ضغط خليجية كبيرة ضد خصومها.
الخلاصة ـ كلما رجعنا إلى «كامب ديفيد» نرجع ونحن في حالة سياسية واستراتيجية أسوأ من التي قبلها، بل حتى أننا نتمنى لو رجع إلى الحالة التي كنا عليها… كل كامب ديفيد وأنتم بخير.